بسم الله الرحمن الرحيم

جاء في حديث الشفاعة بتخريج الشيخ الألباني في رسالة حكم تارك الصلاة ما نصه :
" قال : يقولون : ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا و يصومون معنا و يحجون معنا [ و يجاهدون معنا ] فأدخلتهم النار .
قال : فيقول : اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم .
فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم لا تأكل النار صورهم [ لم تغش الوجه ] فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه و منهم من أخذته إلى كعبيه [ فيخرجون منها بشرًا كثيرًا ] فيقولون : ربنا قد أخرجنا من أمرتنا .
قال : ثم [ يعودون فيتكلمون ف ] يقول : أخرجوا من كان في قلبه مثقال دينار من الإيمان .
[ فيخرجون خلقًا كثيرًا ] ثم [ يقولون : ربنا لم نذر فيها أحدًا ممن أمرتنا ثم يقول : ارجعوا ف ] من كان في قلبه وزن نصف دينار [ فأخرجوه فيخرجون خلقًا كثيرًا ثم يقولون : ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا . . . ]
حتى يقول : أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة [ فيخرجون خلقًا كثيرًا ] " . انتهى الشاهد الذي يستدل به الشيخ الألباني رحمه الله .
وبرهان ذلك ما صرح به الشيخ الألباني رحمه الله في شريط رقم (672) بقوله : " التصنيف والترتيب هو الذي جعلنا نستدل بالحديث " . انتهى

ووضح ذلك في ذات الرسالة رحمه الله فقال : " أن المؤمنين لما شفعهم الله في إخوانهم المصلين و الصائمين و غيرهم في المرة الأولى فأخرجوهم من النار بالعلامة فلما شفعوا في المرات الأخرى و أخرجوا بشرًا كثيرًا لم يكن فيهم مصلون بداهة و إنما فيهم من الخير كل حسب إيمانهم " . انتهى

وفي هذا النقل الأخير عبارة مهمة يجب التنبيه عليها , وإبراز دلالتها ليتبين لطالب الحق حقيقة وجه استدلال الشيخ ناصر , وحقيقة مذهبه وإثباته عمل الجوارح لأصحاب الشفاعة الذين خرجوا بعد خروج المصلين بحسب استدلال الشيخ رحمه الله .
وذلك عند قول الشيخ ناصر (( فلما شفعوا في المرات الأخرى و أخرجوا بشرًا كثيرًا لم يكن فيهم مصلون بداهة و إنما فيهم من الخير كل حسب إيمانهم )) .
فقوله لم يكن فيهم مصلون , وإنما فيهم من الخير كل حسب إيمانهم , فقابل ما في هذه الطائفة الأخيرة ( من الخير ) بما عند الطائفة التي قبلها من ( الصلاة ) ثم قال (( كل حسب إيمانهم )) ففرّق بين الإيمان وبين الخير في الطائفة الأخيرة وجعلهما متلازمان , وبين الصلاة وبين الإيمان عند الطائفة التي قبلها وجعلهما متلازمان وهذا هو مذهب أهل الحق أهل السنة والجماعة أصحاب الحديث , وخلاصته أن الإيمان القلبي مهما قل وحقر لابد أن يستلزم وجود أعمال الجوارح بحسب ما في القلب من إيمان , وكما عبّر العلامة الألباني عن أخر الطوائف التي خرجت بالشفاعة فقال : (( فيهم من الخير حسب إيمانهم )) .
ويؤيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن صاحب فتح المجيد في تفصيل فصيح بقوله : " وفسر الإيمان بأعمال القلب ، لأنها أصل الإيمان ومعظمه، وقوته وضعفه : ناشىء عن قوة ما في القلب، من هذه الأعمال أو ضعفها , وقد يضعف ما في القلب، من الإيمان بالأصول الستة، حتى يكون وزن ذرة، كما في الحديث الصحيح : " أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان " . فبقدر ما في القلب من الإيمان، تكون الأعمال الظاهرة، التي هي داخلة في مسماه، وتسمى إسلامًا، وإيمانًا " . انتهى من الدرر السنية (1/320) الشاملة .