مشاركة هذا الموضوع عبر وسائل التواصل الاجتماعي
-
محاضرة مفرَّغـة بِعنوان:آفاتُ اللِّسان الشيخ صالح بن سعد السحيمي حفظه الله
محاضرة مفرَّغـة بِعنوان:
آفاتُ اللِّسان
لفضيلة الشـيخ الدكـتور:
صالح بن سعد السحيمي
موجه الدعاة بفرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمدينة النبوية
والمدرس بالمسجد النبوي
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ وَسَلَمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصَحَابِهِ أَجْمَعِين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.[1]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}.[2]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}.[3]
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أّصْدّقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهَدْىِ هَدْىُ مُحَمَّدٍ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وّكُلَّ مُحْدّثّةٍ بِدْعَة، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ. أمَّا بَعْدُ:
أيُّهَا الإخوة في الله: في هذه الأيام سيكون حديثي معكم عن أمر خطير يقع فيه الكثير؛ وهي: "آفات اللسان"، وآفات اللسان منها ما يكون كفرًا وشركًا، ومنها ما يكون بدعة، ومنها ما يكون معصية، ومنها ما يكون فضولاً من الكلام الذي قد يجرُّ إلى الإثم؛ ولذلك سنركّز هذه الأيام، قبل بداية هذا الشهر المبارك -شهر رمضان- على هذه الآفات، ونضرب بعض الأمثال التي تشتهر بين العامّة ويتداولونها وربما كانت كفرًا أو شركًا بالله -عز وجل-، والكثير لا يشعر بها .
وخطورة آفات اللسان خطيرة جدًا هو الذي يسْلِمُك أو يَظلِمُك، هو الذي فيه نجاتُك وفيه هلاكك وخسارتُك، هو الذي به يُنطق بالحق، ويُتلى الكتاب، ويُذكر به الله -جل وعلا-، وبالمقابل فيه ما يُسخط الله -تبارك وتعالى-، وما يوقع صاحبه في متاهات لا تُحمد عقباها وهذا هو الذي حذى بنا إلى اختيار هذا الموضوع في هذه الأيام، وأودُّ أن ألفت نظر الإخوة والمسؤولين في التدريس إلى أن ذلك صباحاً ومساءً، بعد المغرب في الكرسي الخاص بي، وبعد الفجر يكون هنا إلى بداية رمضان -إن شاء الله تعالى-؛ يعني: صباحًا ومساءً، صباحًا هنا وبعد المغرب هناك.
لأن آفات اللسان كثيرة وخطيرة وموبقة إلا من رحم الله -جلَّ وعلا-؛ فسخّره في طاعة الله -جل وعلا-؛ يقول الله -جل وعلا-: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}[4]، ليست شهادة الزور قاصرةً على الشهادة التي فيها إسقاط حق أو إحقاق باطل، هذا جزء من شهادة الزور؛ وإلا فالزور يشمل كل باطل ينطق به اللسان؛ ولذلك سمَّى الله -جلَّ وعلا- كل ما ينطق به اللسان من الأمور الباطلة زورًا، وسمَّى كل ما يتحدث به المرء من المحرمات زورًا وبهتانًا وكذبًا ومَيْنًا، ويقول -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}[5]
انتبه، كلمة: {قَوْلاً سَدِيدًا}؛ أي: لا تنطق إلا بالقول الطيب، بالقول الصواب، بالقول الذي يقربك إلى الله -جل وعلا-، وإيَّاك أن تقول القول غير السديد الذي يوقعك في مساخط الله -سبحانه وتعالى-؛فإن المرء ليتكلم بالكلمة لا يلقي بها على بالٍ تقع به في جهنم سبعين خريفًا، لذلك لابدَّ أن تتنبَّه لذلك، وأن تَحذر منه، ومن هنا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ))[6] ويقول عليه الصلاة والسلام لمعاذ: ((كُفُّ عَلَيْكَ هَذَا)) أو ((أَمْسِكْ عَلَيْكَ هَذَا)) كما في الرواية الثانية؛ قال يا رسول الله: ((وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ)) قال: ((ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ)) وهذا دعاء غير مقصود ((وَهَلْ يُكِبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ أّوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ)).[7]
ولذلك يقول أيضًا عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ، وَمَا بَيْنَ لِحْيَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ))[8] أو كما قال صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك يقول الحكماء: "لسانك حصانك إن صنته صانك وإن أهنته أهانك"، إن تركت له الحبل وأطلقت زِمامه؛ ألقى بك في دياجير الظُلَم، وإن أمسكت بزمامه وعوّدته على ذكر الله -سبحانه وتعالى-؛ فسوف تَحمَدُ النتائج بعد ذلك .
كلمة قد يتهاون بها المرء تخرجه من الإسلام، كلمة يرددها العوام تخرجهم من الدين، وسنبدأ بما هو أخطر؛ وإلاّ فهناك الكفر، وهناك الشرك، وهناك الكذب، وهناك الغيبة، وهناك النميمة، وهناك قول الزور، وهناك اللعن، وهناك السبّ، وهناك الشتم، وغير ذلك؛ لكننا سنبدأ بضرب أمثلة بما هو كفر بواح مما ينطق به اللسان -والعياذ بالله- كفرٌ بَواح.
من أكثر الأشياء التي ما سمعتها في حياتي إلا في بعض الدول الإسلامية المجاورة، أول ما وطِئت قدماي تلك الدول سمعته، وكان مستغرَبًا؛ لأنه لا يخطر ببال أحد، فعرفت لماذا عوقب المسلمون وغزيت ديارهم وسلبت، بالإضافة إلى ألوان الفساد الأخرى؛ لكن هناك الكفر الذي ينطق به أحدهم، فقد سمعنا في تلك البلاد بآذاننا من يسب الله -عز وجل-! ويلعنه!أشياء يَندى لها الجبين، ويقشعر منها البدن؛ لكن لابد من ذكرها، وحاكي الكفر ليس بكافر والله -عز وجل- حكى عن فرعون قوله:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}[9] وحكى عنه قوله:{مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}[10]؛ لابد من بيان هذه المخالفات حتى يتبين المسلم دينه، ويعرف دينه.
وسبُّ الله -عز وجل- أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم كفرٌ بَواح، لا يقبل الله من قائله صرفًا ولا عدلاً حتى ولو قال: أنا لا أقصد؛ فإن هذا ليس فيه قصد أو عدم قصد؛ يعني لا يعرف معنى سبّ الله أو سبّ رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يعرف أنه كفر وهو متعمِّد، تجده في حالة شجار عادي بينه وبين رجل، وقد سمعنا هذا حتى في مواقف السيارات بين السائقين في تلك البلاد المجاورة، بلاد إسلامية وللأسف عربية، وتسمع هذا الأمر، تسمع سبّ الله، سب النبي صلى الله عليه وسلم، سب الدين، ويقول لك: أنا لا أقصد! كيف لا تقصد؟! هذا ما به قصد، لا يُنظر إلى قصده؛ بل بمجرد أن يخرج منه هذا اللفظ يُعتبر كافرًا مرتدًا، مرتد بدون قيد ولا شرط، عليه أن يجدّد إسلامه حتى إنه تَطلق منه امرأته، وإذا جدد إسلامه عقد عليها من جديد؛ لأنها لم تعد زوجة له في مثل هذه الحال، { لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}[11] وإذا كانت القائلة مرأة لا تُمسك بها؛ فإنها كافرة {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}[12].
وما كنت أتصور والله قبل بضع سنوات، كنت مسافرًا أزور شيخنا الشيخ الألباني
-رحمه الله- قبيل وفاته، ما كان يخطر ببالي أن أسمع مثل هذا الكلام، فانتبهوا، الأمر خطير، لماذا توجد هذه الفتن المتلاحقة والكوارث على المسلمين؟ {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}[13] {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}[14]
ولذلك ضاعت ديارنا وأوطاننا عند اليهود وغير اليهود، والسبب نحن {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[15]، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}.[16]
فانتبه -يا عبد الله!- إذا رأيت ألوانًا من هذا المجتمع؛ فانصحهم بالعودة إلى الإسلام؛ وإلا فابتعد عنهم وتبرَّأ منهم؛ فإنه طالما استمر على هذا الحال فإنه كافر؛ أعني من يسب الله، أو يسب الدين، أو يسب النبي صلى الله عليه وسلم، فبمجرد السب باللسان ولو لم يعتقد بقلبه يُخرجه من دائرة الإسلام، انتبهتم؟
البعض حتى إذا غضب على سيارته؛ قال: يلعن دينك! ناهيك عن سب الله وسب الرسول صلى الله عليه وسلم.
نحن نصيح: الكفار، وماذا يقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم، الكفار لا تستغرب منهم، هم يعتقدون رسالة الإسلام غير صحيحة، ويعتقدون أن الإسلام كله غير حق؛ فهل نستغرب منهم إذا سَوّوا ولاّ رسموا كاريكاتورات ولا شيء من هذا القبيل؟ نقيم الدنيا ونقعدها ونحن لم نُصلح داخلنا.
فهذا من أكبر الكفريات، من أكبر أنواع الكفر: سب الله ورسوله، وهي من اّفات اللسان العظيمة الخطيرة؛ لذلك بدأنا بها قبل كل شيء، أعظم من الكذب، أعظم من الغيبة والنميمة، أعظم من كل شيء؛ سبّ الله ورسوله أو سب الدين، وهذا من آفات اللسان التي توجد في بعض المجتمعات الإسلامية .
أيضًا من أمثلة آفات اللسان الكفرية: قول البعض من الناس إذا أصابته مصيبة: لماذا يا ربي تفعل بي هكذا؟ ماذا فعلت يا ربي؟ إيش سويت؟ -على حد تعبيرهم- ماذا فعلت؟ لماذا أنا بالذات يا رب؟ -نسأل الله العافية والسلامة-، وهذا يقع خصوصًا بين النساء، تجدها تلوم ربها على ما فعلت ولا تلوم نفسها التي تجرأت على الفعل! وكأن المصيبة التي حلت كأنها مظلومة، وهي ليست مظلومة، لو كانت مؤمنة حقًا؛ لصبرت واحتسبت، وعلمت أن كل هذا من عند الله، واحتسبت الأجر عند الله -سبحانه وتعالى-؛ فالذي يقول: لماذا يا ربي تفعل بي هكذا؟ ماذا فعلت حتى تصيبني هذه المصيبة؟ هذا أيضًا من الكفريات المخرجة من الدين؛ لأنه يعترض على القدر، يعترض على ربه، يعترض على حكم الله -سبحانه وتعالى- فعليه أيضًا أن يجدد إسلامه، هذا خطير جدًا؛ بل هو الكفر بعينه.
من الأمثلة أيضًا: الاستهزاء بالدين، الاستهزاء بالسُنّة، الاستهزاء بآيات القرآن، الاستهزاء، بالمؤذن لقصد الاستهزاء بالدين نفسه.
فالاستهزاء بآيات الله، بالقرآن بالسنّة، بأهل السنة، بزَيْدٍ من الناس لأنه يطبق سُنّة؛ مثل أولئك الذين يتندَّرون بمن يُصلُّون، ويتفكهون بنشاط هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقصد التشويه، ويستهزئون بمناداتهم للصلاة، أو يمثلون ذلك في بعض تمثيلياتهم ونحو ذلك؛ فالاستهزاء بالدين كفرٌ، مرتدٌ صاحبه، والله -عز وجل- كفَّر بأقل من هذا اللون من الاستهزاء، كفَّر الذين قالوا: "ما رأينا مثل قرَّائنا هؤلاء أكبر بطونًا ولا أكذب ألسنًا ولا أجبن عند اللقاء" يقصدون النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه؛ فنزلت الآية تُكفِّرهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}[17] الاستهزاء بالدين، الاستهزاء بالسنة، الاستهزاء بأهل الدين من أجل الدين، الاستهزاء بشعيرة من شعائر الإسلام كفرٌ، ينقل العبد من حظيرة الإسلام.
إذًا الاستهزاء كفر؛ فيجب أن نَحذر منه، وأن نُحذِّر الناس في بيوتنا من أهلينا وأبنائنا وبناتنا من التهكم بالدين وأهله أو السخرية، وهذه من علامات المنافقين هم الذين يسخرون من أهل الدين، {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[18].
فإن هذا من عادات الكفار، السخرية بأهل الدين، والاستهزاء بآيات الله، والاستهزاء بالقرآن أو بالسنّة أو بأهل السنة من أجل تطبيقهم للسنة؛ يعني مثل شخص يقول لك: "والله فلان ملك هذه اللحى الذي مثل المكنسة"، هذه سخرية بشعيرة من شعائر الدين، فإذا استهزأ شخصٌ بشخصٍ من أجل دينه؛ فقد كفر بنص الآية القرآنية.
من آفات اللسان أيضًا: قول بعض العوام: "الشفاعة يا رسول الله"؛ يطلبها مِنْ مَنْ؟ من النبي صلى الله عليه وسلم الآن؛ فهذا شرك، إنما يجب أن تقول ماذا؟ "اللهم شفّع فيّ نبيك ونبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، اللهم ارزقني شفاعة نبيك، اللهم لا تحرمني من شفاعة نبيّك"، أو نحو ذلك من عبارات التوحيد؛ ولذلك جاء في حديث الرجل الأعمى الذي طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو له جاء في آخره "اللهم فشفِّعه فيَّ وشفعني فيه"؛ أي: "اللهم اقبل فيّ شفاعة نبيك صلى الله عليه وسلم" فهمت أخي الكريم؟ أما لو قال: "اشفع لي يا رسول الله" أو لو قال: "الشفاعة يا رسول الله" الآن؛ فقد أشرك بالله -عزَّ وجل-، وهذا هو شرك الشفاعة المعروف عند الجاهلية قديمًا، وهي التي من أجلها بُعث الرسل وأُنزلت الكتب، {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}[19].
مجرد طلب الشفاعة من المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الخالق؛ هذا في حدّ ذاته كفرٌ وشركٌ ينقل من حظيرة الإسلام، فلا تقل: "الشفاعة يا رسول الله"، ولا تقل: "اشفع لي يا رسول الله" لا عند الزيارة ولا هكذا؛ وإنما قل: "اللهم ارزقني شفاعة نبيك"، أطلبها من الله؛ ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سلوا الله لي الوسيلة والفضيلة فإنه مقام لا يناله إلا عبد وأرجو أن أكون أنا هو)) فأنت تطلبها من الله، ((فمن سأل الله لي الوسيلة حلّت له شفاعتي يوم القيامة))[20] فأنت تطلب الشفاعة من الله -عزَّ وجل- أن يشملك ويرزقك ولا يحرمك من شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولكنها لا تُطلب من النبي صلى الله عليه وسلم الآن، ما تقول: "الشفاعة يا رسول الله"، فانتبه لِزَلَقات اللسان هذه؛ فإنها توقع في كفريات لا تعد ولا تحصى.
من مزالق اللسان الكفرية؛ قول القائل -إذا مرّ بقبر، أو توجه إلى قبر من قبور
الموتى-: "مدد يا فلان"، كلمة مدد؛ يعني: أغثني، أمدَّني بمدد من عندك، والمدد والغوث إنما يُطلب من الله -سبحانه وتعالى-، فمن يطلب المدد من غير الله فهو مشرك، حتى ولو صلّى ولو حجّ ولو زكّى ولو ولو، كل هذا يكون هباءً منثورًا {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[21].
مجرد طلب المدد من غير الله، طلب الغوث، طلب توصيل الأعمال إلى الله -جل وعلا- كما قال الكفار -مشركوا مكة وغيرهم-: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[22]هذا هو بعينه ما كانت تفعله الجاهلية ولا فرق والله وتالله، لا فرق بين من يقول: "مدد يا رسول الله، مدد يا حسين"، وبين من يقول: "مدد يا اللات والعُزّى ومناة وهُبَل" لا فرق، إذ الكل مخلوق، والمخلوق لا يُطلب منه المدد؛ وإنما يُطلب المدد من الله -جل وعلا-؛ بل بعضهم يعني يستجدي لدرجة أن يقول: "نظرة يا سيد فلان، نظرة يا ست فلانة، نظرة"؛ يعني: يستجدي حتى مجرد من هذا الميت أن ينظر إليه بنظرة عطف وحنان، نسي أن له ربًا يقول له: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[23] {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }[24] {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}[25].
أما تأتي إلى ميت في قبره صالحًا كان أو غير صالح فتطلب منه المدد وتطلب منه الغوث؛ فهذا هو الشرك بالله -جل وعلا-، وهذا غيض من فيض من الشركيات، التي يقع فيها كثير من العوام، وسواءً عبّر بالمدد أو قال: "شِلِلَّه"، حوّروها اختصروها حتى صارت إيش؟ "شِاللَّه" أليس كذلك؟ "شِالله يا فلان" إيش يقصدون "شِالله"؟ أعطنا شيئًا لله أيها الميت! أليس هذا هو المعنى؟ إخواني أجيبوني؟ أليس هذا هو المعنى المقصود؟ "شِالله يا فلان"؛ يعني خلص اختصروها حتى ما يتعب، بدل ما يقول: يا فلان أعطني شيئًا لله صارت "شِالله يا فلان" حتى الذي يسمعها وهو لا يعرف لغة القوم قد لا يدرك أن فيها شيئًا، يظنُّه يطلب منه قرش أو ريال أو كذا "شِالله يا فلان" والمقصود إيش؟ أعطه ماذا؟ شيئاً لله ، بعضهم يقول "شِللَّه" وبعضهم يقول: "شِالله" اختصار، ترقيم -والعياذ بالله-، وهو الشرك بعينه الذي لا يقبل الله من صاحبه صرفاً ولا عدلاً.
لو أردنا أن نعد آفات اللسان من الكفريات، يمكن لو نقف شهر ما نحصيها، لكن سنعد ما يخطر بالبال مما نسمعه من بعض العامة، وأظن أن أحد الإخوة دَوَّنها في كتاب، لعلي أحصل عليه ونببِّه على كثير منها، فكلمة: "شلله يا فلان" "مدد يا فلان" "أغثني يا فلان" "نظرة يا فلانة" "نظرة يا سيد فلان" "نظرة يا ست فلانة" هذا هو الشرك بعينه، عبادة لغير الله، سؤال من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله -سبحانه وتعالى-؛ فاحذر يا عبد الله!
من آفات اللسان أيضًا: البعض من الناس له اعتقاد في الجن أنهم يقدرون على تخليصه من بعض المواقف؛ كما يقول العرب في الجاهلية: "نعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه"، طيب انظر ماذا يجري، وكان موجود عندنا إلى عهد قريب، وسمعت أنه ما زال يوجد عند بعض العوام، وهو قولهم إذا أراد أن ينتقم من شخص: "خذوه" من يقصد؟ الجن، (شِلّوه، افعلوا به كذا، خذوه، أبعدوه، شِلوه"؛ يعني: اقضوا عليه؛ فهذا أيضًا من آفات اللسان الكفرية الشركية التي لها تعلق بتصوّر أن الجن يقدرون على أن يفعلوا به كذا وكذا.
ولذلك كان بعضهم قديمًا يذبح لهم -يذبح للجن-، عند بعض المعابد التي كان يُتعلق بها من دون الله، كان هناك "طِعْسْ" أعرفه، أنا أعرف مكانه الآن قريب، كانوا قبل خمسين سنة أو ستين سنة، الحمد لله زالت الآن هذه المظاهر الشركية، كانوا يذهبون إليه، المرأة التي لا تنجب "طعس يسمى: القَوْزْ" تعرفون الطِعس؟ يعني: كثيب من الرمل عالي جدًا، كانوا إلى عهد قريب يذهبون إليه، ولاسيما الرجل والمرأة اللذان لا ينجبان يذهبان إليه، ويذبحان له ذبيحة، لا يُؤْكل منها؛ وإنما المهم أن ْ ينثروا دمها هناك؛ ثم يبيتون في ذلك الكثيب، ويفعلون ما الله به عليم رجاء الحصول على الولد، خلاص الرملة ذي بتجيب لهم الولد! وينادونه: "يا فلان يا أولياء الله يا صالحون أعطونا كذا وكذا وكذا"، ليس فقط بالفعل؛ بل بالقول
-والعياذ بالله-؛ فهذا أيضًا من الكفريات والشركيات التي يقع فيها كثير من الناس.
ولعلّي أكتفي اليوم بهذه الأمثلة وبعد المغرب -إن شاء الله- وغدًا -إن شاء الله- بعد الفجر نواصل. لو قال لي شخص: طيب لماذا أنت تُشغِل نفسك بهذه الأشياء؟ طيب هذه موجودة بالمجتمع أو لا؟ طيب. لابدَّ أن ننبّه إخواننا؛ حتى يتخلصوا من هذه البقايا الجاهلية، التي ما زالت توجد في كثير من الشعوب والقبائل في البلاد الإسلامية؛ بل وفي العربية خاصة.
أسأل الله -تبارك وتعالى- بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[المجلس الثاني]
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ وَسَلَمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَبِهِ أَجْمَعِين.
وَبَعْدُ:
ما زلنا مع آفات اللسان -نعوذ بالله وإيَّاكم منها- التي تكُبُّ أهلها في النار، وتُورِدُ أصحابها المهالك، وتوقعهم في كثيرٍ من الأمور الخطيرة، ولعلي أذكر منها، مما يحضرني
-الآن-:
هناك أُناس يزورهم شخصٌ يحبونه، ويقدسونه، ويبالغون في ذلك سواءٌ كان هذا مجاملةً أم حقيقةً لهذه المبالغة؛ فيقولون: "الله، هذا اليوم زارنا النبي" صلى الله عليه وسلم، يا أخي! النبوة اختُتِمتْ، خُتِمتْ بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنت وإن لم تقصد ذلك؛ فإن ذلك محرم، لا يُقارن أحدٌ بالأنبياء.
«ألم ترى أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل أن السيف أمضى من العصا»
فلا يُقارن أحدٌ بالأنبياء، ولا تقول: زارنا النبي، يا أخي! قل: زارنا أخٌ عزيز، ذو خطوة عزيزة، نحبه في الله، أما المبالغات هذه والغلو الذي يقع فيه كثير من الناس؛ فإنه خطير، فلا تقول: زارنا النبي؛ فإن النبوة قد خُتمت، ((لا نبيَّ بعدي)) و ((خُتِمَ بيَّ النبيون)).
قال صلى الله عليه وسلم: ((أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا العاقب، وأنا الحاشر، وأنا الماحي))[26]، محمد وأحمد معروف معناه، والعاقب؛ أي: الذي لا نبي بعده، والحاشر: الذي يُحشر الناس تحت قدمه، والماحي: الذي يمحو الله به الكفر، صلوات الله وسلامه عليه، أكثروا من الصلوات والسلام عليه، ولا تكونوا بخلاء.
والصلاة والسلام عليه لها صيغ معينة، إما مختصرة ككلمة: "صلى الله عليه وسلم"، أو الصلاة الإبراهيمية، أما الصلاة الأغاني والابتهالات فهذا لعب، وليس هو صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
الصلاة التي يترنمون بها، ويتغنون بها؛ هذه لا تُقبل عند الله، ولا قيمة لها، فهمنا؟
إما أن تقرأ الصلاة الإبراهيمية التي نقرأها في التشهد، أو تختصرها بكلمة: "صلى الله عليه وسلم" أو "صلوات الله وسلامه عليه"، أو نحو ذلك من العبارات المختصرة، وأما الصلوات على النبي التي تحولت إلى غناءٍ وابتهالات و و إلى آخره؛ يعني كما يُسمون، الآن كل شيء ينسبونه إلى الإسلام، تمثيليات إسلامية، غناء إسلامي، أناشيد إسلامية، سروال إسلامي، حذاءات إسلامية، يا أخي! ما يجوز [الخرابيط] هذه، هذه التسميات لا تصلح، الإنسان يتجنب التشبه نعم؛ لكن نسبة هذه القضايا إلى الإسلام؛ لأن الأصل في الملبوسات والمركوبات هذه الإباحة؛ حتى يرد الدليل بالتحريم.
الآن يقول لك: رقص إسلامي!! مثل القناة التي يسمونها ايش؟ طيور النار هذه ما هي طيور الجنة. هذا عبث، يغنون ويقولون: طيور الجنة! أي جنة وراء هذا الغناء؟! أي عبادة وراء هذا الغناء؟! تغني وتطبل وتزمر وتسمي هذا الغناء طيور الجنة؟!
وتسمي أولئك الأطفال والفتيات الصغار الذين تعلمهم الغناء، وتعلمهم الخنا باسم الغناء الإسلامي! لا والله، هذا مثل الذين يشربون الخمر ويسمونها بغير اسمها، بالضبط تمامًا بتمام.
فإياكم وهذه القنوات المفسدة، والتي تعلن الآن أنها ستقدم كذا وكذا في رمضان مما يُنسب إلي الإسلام، تمثيليات إسلامية!
يجي عربيد ونصراني وخبيث ويسمي نفسه أبا عبيدة ابن الجراح! وآخر يسمي نفسه أبو بكر الصديق! وشيوعي ثاني يسمي نفسه ايش؟ خالد ابن الوليد! وملحدة أخرى ماجنة مغنية داعرة تسمي نفسها عائشة! وأخرى تسمي نفسها خديجة! حســبي الله ونِعـمَ الوكـيل.
ادعوا على هؤلاء أن يمحوهم الله من الوجود، أو يهديهم إلي الصراط المستقيم. انتبهتم؟
فاحذروا من هذا لا تنخدعوا بهذه القنوات، سواء أي قناة تغني وتطبل وتسوي تمثيليات وتنسب هذا إلي الإسلام؛ عليكم أن تنسفوها وأن تخرجوها من بيوتكم، والله دخولها في البيوت حرام، كأنما أدخلت شيطانًا يعلم الناس قلة الحياء مع الله –عز وجل-.
بعض القنوات هذه تنشر الشرك، والله بعضها ينشر الشرك بالله –عز وجل-، انتبهوا لهذا؛ إذًا هذا الكلام يجب أن نتنبه له.
أيضًا من الكلمات التي تجري على الألسن: فلان أصابته عين أو أصابته حمى أو أصابه مرض، أو أصابه مثلاً شيء مما يصيب سائر الناس؛ تأتي واحدة عجوز من الخرافيات، وتقول لأم الطفل: أنتِ ما صلبتِ عليه؟ ما صلبتِ على راسه؟ ما صلبتِ على صدره؟
[ايش] معنى صلبتِ؟ [ايش تسوي؟] إما أنها تأتي بقرطاس ورق، وتسويه على هيكل عروسة أو شخص إنسان، وتجيب الإبرة وتخرِّم في هذا الهيكل، عيد الحسود لا تسود، وما أدري ايش، خلاص هذا الدوا -نسأل الله العافية والسلامة-، هذا من الشركيَّات.
تقول لها تعالى سوي القرطاس هذا على شكل عروسة، وبعدين عين كذا تصل كذا، وهذا في عين فلان، وهذا عين فلان، وهذا في عين خالتي، وهذا في عين حماتي، انتبهوا، هذه كلها من الخرافات، هذه موجودة ولا لا يا إخوان؟ ولا بنبالغ نحن؟ موجودة في العالم الإسلامي؛ ولذلك يقول الله -عزَّ وجل-: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}.[27]
تجيك واحدة أخرى تقول لك: -أذكر عندنا في البادية وأنا صغير عبارة شركية، كانت عندنا في بادية نجد، ماذا يقولون؟- تقول -إذا الطفل مثلاً أصيب بفجأة، ولا اهتز، ولا ترفص كدا ولا انخلع كدا ولا تفاجأ-؛ تقول: ملوك على الصمولك؛ يعني: يا أيها الملائكة أدركوه، أدركوه أيها الملائكة أدركوه، يستغيثون بالملائكة من دون الله -عزَّ وجل-، "ملوك على الصمولك"، الصمولوك هذا الطفل الصغير؛ يعني ملوك خلاص؛ يعني: الملائكة تحضر لتنقذه، ولتسعفه، ولتخرجه من هذا الأمر الذي هو فيه، ولتحميه من هذه الفجأة، هذا كله من الشركيات.
تيجي واحدة أخرى؛ تقول لها: يا بنت الحلال! أنتِ ما حطيتي ملح برود؟
وأنا أذكر عجوزًا وعمري ثمان سنوات، ظنت أن ابنتها قد أصيبت بعين؛ فجاءت بملح وكبته على أعتاب البيت وعلى البنت يمين وشمال، ملح ايه؟ ملح بارود. يدخل واحد مُدخن عندهم، ويشتعل البيت كله ويحترق، ونفس العجوز يديها احترقت، صاحبة الملح الشركي هذا، والله أنا أذكرها وأعرفها باسمها. فإذن انتبهوا، كل هذا من الشركيات.
رأيت وأنا صغير -أيضًا- يربطون على طفل رباط على يديه، يربطون عليه تجعل فيه حبة قهوة، ويُجعل فيه حجارة، سألت بعدما كبرت قلت: ايش الحجارة هذه؟ من أين؟ قالوا: هذه أُخذت من التراب الذي وُلِدَ فيه، رباط يربط في يد الطفل وهو صغير، ويضعون عليه محلب وأشياء وراحته طيبة ومسك وكذا؛ لكن غير المسك فيه أشياء غريبة جدًا، سألت لقيت له علاقة بالشركيات، هذا -والعياذ بالله- أيضًا ..
أيضًا: يلبسون أسورة في بعض البلاد -هذه سمعت بها أنها في خارج بلادنا- أما الذي ذكرت الآن، كانت توجد، ولله الحمد الآن اندثرت إن شاء الله- يقولون: ما تلبسيه الحظاظة والبظاظة، ما هي الحظاظة؟ سوار يلبسونه، إذا لبسه يكون ذا حظٍ عظيم، تأتيه الأموال، ويأتيه الرزق، وتأتيه الفتوح، ما تلبسيه حظاظة، ايش حظاظة دي؟ حظاظة أو بظاظة هذه من المعتقدات الفاسدة، ومن المقالات الفاسدة، هذا هو الشرك بعينه، والرسول صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً وقد لبس حلقة من صفرة على يديه؛ فقال له: ((ما هذا؟)) -مستنكرًا- الواهنة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ((انزعها، انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنًا، وإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا)).[28]
فلو مات صاحب الحظاظة وحظاظته عليه ما أفلح أبدًا؛ لأنه تعلق بها، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((من تعلَّق شيئًا وُكِلَ إليه))[29] ((من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلَّق ودعة فلا ودع الله له))[30]؛ أي: من تعلق تميمة فلا جعله الله في دعةٍ وراحةٍ وسكون، ولا أتمَّ الله أمره، ونحن نقول ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: من تعلق تميمة فلا أتمَّ الله له.
فانتبه لهذا -يا عبد الله!- من تعلق تميمةً فلا أتمَّ الله له. من تعلق تميمةً فقد أشرك.
فالحظاظة والبظاظة، والأسورة التي تُعلَّق من أجل التبرك بها والتعلق بها هي من هذا القبيل.
إحدى العجائز قبل خمسة وأربعين سنة، ونحن في الإبتدائي، كانت تلبس هنا سُوار فسألت؛ قالت: "هذا -والله- معضد للحماية، ألبسني إياه صاحب الأجواد الصيفي، فلان الصيفي عليه أجواد" الأجواد من هم عندهم؟ يعني عليه قوم من الجن مسلمون -على حد كلامهم-، الحمد لله كسرت هذا المعضد وتابت إلى الله توبةً نصوحًا، الشاهد أن هذه الأشياء كلها من العادات الشركية الجاهلية، ومن تعلَّق شيئًا وُكِلَ إليه.
حذيفة -رضي الله عنه- رأى على رجل خيطًا؛ فقال: ما هذا؟ قال: من الحمى؛ فقطع الخيط، وقرأ قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}[31]
ولكن أنت لا تقطع، أنت لست في منزلة حذيفة؛ بل أقنعه أولاً؛ ثم اجعله هو بنفسه يقطعها، أما إن أخذت تقطعها يمكن يُصاب بما هو أعظم، وقد حصل قصص قريبة؛ لأنه يتعلق بذلك -والعياذ بالله-؛ ثم أنت لست في منزلة الصحابي حذيفة -رضي الله عنه- لا أنا ولا أنت، ولا عشر معشارهم؛ لكن علينا أولاً أن نقنعهم بأن هذا الأمر حرام، وأنه قد يوصل إلى الشرك؛ ثم بعد ذلك نجعله هو بنفسه يتصرف ويقطع هذه الحظاظة والبظاظة. طيب.
قال الله -تعالى-: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}.[32]
هناك أسماء يظن بعض الجهلة أنها من أسماء الله؛ ولذلك يُعبِّدُ لها، بعض الجُّهال يعتقد أن من أسماء الله الموجود؛ فيسمى: عبد الموجود، من الموجود؟ أنت موجود ولا معدوم؟ والحمار موجود ولا معدوم؟ موجود. الموجود تصْدُقُ على أي شيء سواء كان الخالق أم المخلوق؛ فأنت لا تسمي عبد الموجود؛ لأن الموجود ليس اسمًا من أسماء الله، نعم، الله هو موجود، وجودٌ يخصه بلا ابتداء وبلا انتهاء، هو الأول فليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، هذا الوجود ليس كالوجود، عرفت؟ فلا تقل أن من أسماء الله الموجود، ولا تسمي عبد الموجود.
وكذلك عبد الرسول أو عبد النبي، هذه تسميات شركية، أو عبد الحسين، أو عبد البدوي، أو عبد اللاوي، أو عبد الجنيد، أو عبد السبحان، أو عبد السِيد، أنا أعرف واحد في بلد ما اسمه: عبد السِيد، طبعًا السِيد هو الولي الذي يعبدونه من دون الله، يدعون أنه ولي يُعبد من دون الله، عبد السِيد؛ فلا تسمي هذه المسميات؛ لأنه ليس من أسماء الله -جلَّ وعلا-، ولا يجوز أن تعبد أحدًا إلا لله -سبحانه وتعالى-.
كذلك بعض الناس يسمي عبد الستار؛ هذا لا يجوز، سمِّي: عبد الستير. نعم، الستَّار صفة من صفات الله؛ لكن ليس من الأسماء المنصوصة؛ بل المنصوص: ((إن الله ستير يحب الستر)).
فسمِّي عبد الستير، ولا تُسميِّ عبد الستَّار ولا عبد الساتر؛ وإنما سمِّيهِ عبد الستير، ومسميات كثيرة يعبدون لغير الله -سبحانه وتعالى-.
كلمة عبده؛ هذه خطأ، لأنها مبنية على معتقد صوفي؛ يقول: إن أعظم أسماء الله هو حرف الهاء فقط! حرف الهاء!
ويسمِّيهِ غلاة المتصوفة؛ يسمونه: هاء الهوية الذاتية، ويقولون: إن أعظم ذكر هو أن تردد الهاء تقول: (هـ هـ هـ هـ)؛ كأنه كلب ينبح! هذا نباح! وليس ذكرًا لله -عز وجل- لا يجوز، ليست الهاء من أسماء الله، وليس كلمة: "هو" من أسماء الله، هو ضمير، لا يُعرف إلا إذا اقترن باسم ظاهر، فهل هو، هل هو الله؟ هو زيد؟ هو عمر؟ هو الجبل؟ هو الجدار؟ هو وحدها لا تنفع.
شوف الضمائر وأسماء الإشارة، والأسماء الموصولة لا يمكن أن تُفهم إلا إذا جاءت في سياق معين؛ فتُحمل على ما يدل عليه السياق؛ مثلاً: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}[33]، عرفنا أن الضمير المقصود به الله -جلَّ وعلا-؛ ولكن لا نقول انه اسمٌ من أسماء الله.
إذًا إذا سميت الله "هو"، سميه أيضًا: "الذي" أليس كذلك؟
هل يجوز أن تُسمي عبد الذي؟ أو عبد هذا؟ يجوز؟ كذلك عبده ما يجوز، لا تسمي عبده، سمِّي عبد الله، خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن، هذه خير الأسماء، إذا عندك ولد اسمه عبده، سمِّهِ عبد الله، سمِّه عبد الرحمن، سمِّهِ عبد الكريم، سمِّه عبد الرزاق، وهكذا، خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن، أما تسمِّهِ عبده! لا يصلح، الهاء ما يجوز أن تُطلق على الله وحده
-سبحانه وتعالى-.
ولا يغرنكم كتاب أحمد عبد الجواد، الذي ليس بجواد، الذي يُوزع الآن ومكتوب فيه: "إن أعظم اسمٍ هو أن تقول: ياهو، ياهو، كأنها يهوى حقة اليهود، ما تصلح، ياهو!
بالله عليك لو نادوك بياهو! ترضى؟ أنت اسمك محمد، ولا زيد ولا عبد الله ولا عمرو، جاءك واحد من الشارع وقال لك: ياهو، ترضى بهذا؟ ما ترضى؛ فكيف تقول لله: ياهو؟!
هذا صاحب كتاب الدعاء المستجاب يقول هذا الكلام، وكتاب الدعاء المستجاب مليء بالخرافات، الذي يسمى الدعاء المستجاب، أو كتاب الأسماء الحسنى لصاحب الكتاب نفسه، كلها كتب خرافية، ومليئة بالأسماء التي ليست من أسماء الله، ناهيك عن تفسير الأسماء بغير معانيها الحقيقية؛ فإنه يجعل لكل يوم من أيام الأسبوع أسماء تتعبد بها، السبت له أسماء من أسماء الله، قسَّم الأسماء على سبعة أيام، كل يوم له أسماء معينة من أسماء الله، هذا كله تخريف، وبُعْد عن أسماء الله -جلَّ وعلا-، فلا تسمي هذه الأسماء. انتبه.
اختر لابنك الأسماء الطيبة المباركة الإسلامية القديمة المعروفة، ولا تُقلِّد أيضًا فتسميه بأسماء النصارى، واحد يسمي ولده لورانس! لورانس؟!
وواحد مسمي بنته يارا! اسم فرنسي! يا أخي! ما وجدت أسماء عربية إسلامية حتى تسمي يارا ومارا وسوسن وزوزن وزيزي وقلة حياء! ما يصلح أبدًا، هذا لا يصلح.
سمِّي فاطمة، سمي زينب، سمي رقية، سمي عبلة، سمي حفصة، سمي صفية، سمي هند، سمي دعد، سمِّي الأسماء الطيبة المباركة المعروفة.
واحد قلت له سمي بنتك حفصة؛ قال لي: اسمي حفصة؟! هذه أسماء ما ادري من! وسمى فئة معينة هو له موقف منها. انتبه.
أنت مسؤول عن تسمية أبناءك، لا تفوض الحريم، تجيب لك أسماء من الأسماء الجاهلية وتسميها، واحد مسمي ابنه ميشيل! والله أخد ثانوية واسمه ميشيل! وهو مسلم، أخيرًا الولد هو الذي سمَّى نفسه عبد الرحمن -جزاه الله خيرًا- الولد ليس الأب! الأب كان مصر على ميشيل، ايش ميشيل؟ عفلق ولا؟
انتبهوا -يا إخوان!- هذه المسميات كلها تؤاخذ عليها.
ومما يتعلق بمسألة الموجود؛ قول القائلين: إن الله موجود في كل الوجود، أو موجود في كل مكان! هذا خطأ! بل الله مستوٍ على عرشه، فوق سبع سمواته، فوق كل شيء، {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}[34]
{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ}[35]
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}[36]
{وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}[37]
{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}[38]
انتبه. لا تقل: موجود في كل الوجود، ولو وجدتها في كتب الأشاعرة، وكتب الماتُريدية؛ يعني كلها خطيرة جدًا، لا يُقال أن الله في كل مكان أو في كل الوجود، نعم، في كل مكان بعلمه وإطلاعه وإحاطته ومعيته للمؤمنين، أما ذاته العلية فهو فوق سبع سموات، فوق العرش.
((إن الله كتب كتابًا موجودًا عنده فوق العرش، مكتوبا فيه: إن رحمتي سبقت غضبي)).[39]
فالله فوق العرش، لا شيء فوقه، وهو فوق كل شيء ومليكه -سبحانه وتعالى-.
فلا تقل: إن الله موجود في كل الوجود، ولا أنه في كل مكان؛ لأن هذه إلحادٌ في أسماء الله وصفاته، فتجنب هذه العبارات -يا عبد الله!-؛ حتى لا تقع في المهالك.
وهكذا يجب على المسلم أن يحذر من هذه المسميات، التي -يعني- يقع فيها العامة، وهي مسميات كثيرة، لا نستطيع إحصاءها؛ لكن أي مسميات عندك وأي أقوال عليك أن تعرضها على كتاب الله -عزَّ وجل- وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم.
اعرضها على العلماء الذين يعرفون ويوجهونك، العلماء الربانيين الذين ينفون عن كتاب الله -جلَّ وعلا- تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.
فاحذر -يا عبد الله!- من كل الأقاويل الجاهلية، والتي بعضها أقاويل شركية، والبعض من الناس يرددها قد يكون يعلم وقد لا يعلم أنها تفضي إلى الشرك، أو أنها هي في حد ذاتها هي أقاويل وأعمال شركية.
وفقني الله وإياكم لكل خير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
[1] [آل عمران: 102].
[2] [النساء: 1].
[3] [الأحزاب: 70- 71].
[4] [الفرقان: 72].
[5] [الأحزاب: 70- 71].
[6] رواه البخارى فى الصحيح عن أبى الوليد، ورواه مسلم عن قتيبة عن الليث بن سعد.
[7] رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.
[8] رواه البخاري.
[9] [النازعات: 24].
[10] [القصص:38].
[11] [الممتحنة:10].
[12] [الممتحنة:10].
[13] [الشورى:30].
[14] [الروم:41].
[15] [النحل:33].
[16] [النساء:40].
[17] [التوبة: 65-66].
[18] [التوبة:79].
[19] [يونس: 18].
[20] عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)). رواه مسلم.
[21] [الفرقان:23].
[22] [الزمر:3].
[23] [البقرة:186].
[24] [غافر:60].
[25] [النمل:20].
[26] جبير بن مطعم رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لي خمسة أسماء؛ أنا محمد وأحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب)). رواه البخاري ومسلم.
[27] [يوسف: 106].
[28] عمران بن حصين، أن النبى صلى الله عليه وسلم أبصر على عضد رجل حلقة أراه، قال من صفر، فقال: ويحك ما هذه؟ قال: من الواهنة، قال: أما إنها لا تزيدك، إلا وهنا انبذها عنك، فإنك لو مت وهى عليك ما أفلحت أبدا)) رواه أحمد، وابن ماجه، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة: 1029.
[29] عن عيسى بن حمزة قال دخلت على عبد الله بن حكيم وبه حمرة فقلت: ألا تعلق تميمة؛ فقال: نعوذ بالله من ذلك؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من علق شيئا وكل إليه )) رواه أبو داود والترمذي إلا أنه قال فقلنا ألا تعلق شيئا فقال الموت أقرب من ذلك. حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 3456.
[30] أخرجه أحمد وأبو يعلى والحاكم وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة رقم: 1266.
[31] [يوسف: 106].
[32] [الأعراف: 180].
[33] [الحشر: 22].
[34] [الأنعام: 18].
[35] [النحل: 50].
[36] [الأعلى: 1].
[37] [البقرة: 255].
[38] [البقرة: 255].
[39] وعن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((إن الله تعالى كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي سبقت غضبي فهو مكتوب عنده فوق العرش)). متفقٌ عليه
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 18-May-2012, 02:03 PM
-
بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى مكتبة الأمين العلمية الــشـاملة
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 02-Feb-2012, 09:08 PM
-
بواسطة أبو خالد الوليد خالد الصبحي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 26-Mar-2010, 04:54 PM
-
بواسطة أبو يوسف عبدالله الصبحي في المنتدى مكتبة الأمين العلمية الــشـاملة
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 22-Jan-2010, 08:58 PM
-
بواسطة أبو خالد الوليد خالد الصبحي في المنتدى مكتبة الأمين العلمية الــشـاملة
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 28-Dec-2009, 10:12 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى