سؤال (هل يجوز للمسلم أن يتجنس بجنسية دولة حكومتها كافرة إذا كان ذلك لحاجة)يجيب فضيلة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله

السائل
: هل يجوز للمسلم أن يتجنس بجنسية دولة حكومتها كافرة إذا كان ذلك لحاجة، لأن هذه الجنسية تسهل له كثيرًا من حوائجه، وقد أصبح الناس في هذه العصور يتسابقون إلى الجنسية ويتفاخرون بها-بارك الله فيكم-؟. الجواب: الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أية جنسية سواءًا كانت بلادها مسلمة أو كافرة فلا فخر فيها بحد ذاتها، وإن العزة في الإسلام، فمن كان مسلمًا على الحنيفية فهذا هو الذي يغبط وحق له أن يغتبط بذلك، وأن يفرح وأن يستبشر، ويسأل الله الزيادة من فضله والثبات على ما من به عليه من الإسلام والسنة. فالأنساب ليس فيها فخر، بل الفخر بالأنساب من أعمال الجاهلية كما قال-صلى الله عليه وسلم-: (أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ;وَالنِّيَاحَةُ)[1]. وقال-صلى الله عليه وسلم-: (...مَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ)[2]. فالنسب إنما هو تمييز فقط، فأنا مثلًا مشرقي وأنت مغربي هذا للتمييز نعم، ولا مانع أن ينتسب الإنسان إلى أصله، ولا ينتسب إلى بلد حصل على الجنسية منه إلا انتساب قطري فيقول: أنا مغربي، أنا ليبي، أنا سعودي، أنا مثلًا مصري، أما الانتساب الأصلي فإلى أصوله. فالانتساب إذًا: قُطْرِي وأصلي. فالأصلي: انتساب الرجل أو المرأة إلى القبيلة التي هو منها، فلو كان في بريطانيا أو أمريكا يقول: فلان المغربي، وإن كانت هناك قبيلة يقول: فلان كذا المغربي البريطاني قطرًا وليس نسبًا-أصلًا-. فإذا تقرر هذا: فإن التجنس أو السعي في الحصول على الجنسيات من البلاد الكافرة من أمريكا أو أوروبا أو غيرها فهذا له حالان: الحال الأولى: أن يمكنه الاستغناء عن هذا التجنس، وأن ما أراده من كسب العيش الحلال والاستقرار يحصل بالإقامة الدائمة، فهذا لا ننصحه بأخذ الجنسية، بل نؤكد عليه ونحرض عليه نصيحة له أن يبقى على جنسيته التي كان هو منها، قال-صلى الله عليه وسلم-: (...وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ)[3]. الحال الثانية: أن يضطر اضطرارًا إلى التجنس في هذه البلد التي وفد عليها وأقام فيها لأمر يرغمه على ذلك، فهذا أرجوا أنه لا مانع منه بشرط أن يبغض الدستور الكافر ولا يحبه ولا يعقد عليه الولاء والبراء، وقد بَلَّغَنِي بعضهم أنه إذا أراد التجنس بجنسية هذه الدولة كــ(بريطانيا)مثلًا أنه يقسم على الولاء للملكة، وهذا في الحقيقة هذه كافرة لا توالى وإنما يقول أقسم يعني يقسم على أن يكون مخلصًا بحجة هذا البلد يستعمل المعاذير. السائل: جزاكم الله خيرًا[4].
لسماع المادة الصوتية:(هل يجوز للمسلم أن يتجنس بجنسية دولة حكومتها كافرة إذا كان ذلك لحاجة).

قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحدادالجمعة الموافق: 29/ ربيع الأول/ 1432 للهجرة النبوية الشريفة. [1] (صحيح البخاري/ كِتَاب مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ/ رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم-3637-).

[2]
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ)(صحيح مسلم/كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار/باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن والذكر-4867-)

[3]
(عَنْ النَّبِيِّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قَالَ: الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ)(صحيح البخاري/ كِتَاب الزَّكَاة/ خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول-1361-)

[4] (3/الأسئلة المغربية مع الشيخ عبيد الجابري الجزء:1)

منقول للفائدة