الحمد لله رب العالمين و العاقبة للمتقين و لا عدوان إلا على الظالمين من المبتدعة و المشركين , أما بعد:
فقد وقفت على كلام لمن لقب بفقيه مصر و هو تكفيري جلد من شيوخ الضلالة معروف غارق في القطبية و قد بين هذا طلبة العلم في مصر, ونحن لسنا بصدد بيان منهجه و عقيدته و لكن من العجيب أن هذا الرجل وقع في طوام حتى في الفقه الذي يؤمر فيه, و ليس بخاف عنكم لما سألته إحداهن عن حكم الخروج لميدان التحرير فقال لها: نعم تخرج النساء لتكثير سواد المؤمنين و استدل بقول الله تعالى:(النساء شقائق الرجال),و استدل بقصة عبد الرحمان ابن عوف و عن سؤاله النساء في خدورهن.
و لا أدري و لا الغول و العنقاء يدريان موطن الإستدلال بهذه القصة بل و بغيرها كما قال الشيخ رسلان حفظه الله.
فهل يقول هذا عاقل فضلا عن فقيه فضلا عن أمير في الفقه.
لكنها البدعة التي مسخت الوجوه و العقول فنسأل الله السلامة و العافية.
و مما ذكره الشيخ رسلان في نفس الشريط أن الرجل في اسمه خطأ عقدي فاسمه محمد عبد المقصود و معروف بهذا و هو اسم شهرته و معلوم أن المقصود ليس من أسماء الله.
فوقفت لكلام لهذا الرجل فيما ظنه ردا على كلام الشيخ قال فيه:
( ثم الرجل يحملني خطأ عقائديا أنا لا حيلة لي فيه, يعني من الممكن أن نذكر المباحث الفقهية المتعلقة بهذه المسألة, النبي صلى الله عليه و سلم قال: (أنا النبي لاكذب..أنا بن عبد المطلب) , سيقول أن بعض العلماء قالوا أن هناك اجماع على عبد المطلب بالذات, طيب ماذا نفعل بأبي سلمة ابن عبد الأسد, ثم لا أنا أنا سميت أبي و لا هو سمى نفسه بل سماه جدي و كان عضوا في هيئة كبار العلماء)
قلت : فانظر يا أخي بارك الله فيك لتمييع هؤلاء للمسائل إذا تعلق الأمر بالإنتصار لأنفسهم و لبدعتهم فالشيخ رسلان ماقاله حق عقد عليه الإجماع, فطار الرجل يشكك في الإجماع بدل أن يكتفي باعتذاره الأخير دون قوله: (بل سماه جدي و كان عضوا في هيئة كبار العلماء)
فلا ندري أي نوع من الإستدلال هذا عند أمير الفقهاء.
و أي شخص مغتر به يسمع كلامه هذا لهانت المسألة عنده و ظنها من مسائل الفقه البسيطة كما حاول الرجل أن يصور, مع أنه قد لا يخلوا شرح لكتاب التوحيد من التفصيل في هذه المسألة, فارجع إليها.
فما حكم التعبيد لغير الله؟
قال الألباني في "الضعيفة"(1/596) : فائدة: نقل ابن حزم الاتفاق على تحريم كل اسم مُعَّبد لغير الله كعبد العزى وعبد الكعبة، وأقره العلامة ابن القيم في " تحفة المودود " (ص 37) وعليه فلا تحل التسمية بـ: عبد على، وعبد الحسين، كما هو مشهور عند الشيعة، ولا بـ: عبد النبي أو عبد الرسول كما يفعله بعض الجهلة من أهل السنة. انتهى
و كلام ابن حزم المقصود هو قوله في مراتب الإجماع :( اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله ، كعبد عمر وعبد الكعبة وما أشبه ذلك ، حاشا عبد المطلب)
قال ابن عثيمين رحمه الله شارحا :
قوله: "اتفقوا": أي: أجمعوا، والإجماع أحد الأدلة الشرعية التي تثبت بها الأحكام، والأدلة هي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس.
قوله: "وما أشبه ذلك": مثل: عبد الحسين، وعبد الرسول، وعبد المسيح، وعبد علي.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم..." الحديث; فهذا وصف وليس علما، فشبه المنهمك بمحبة هذه الأشياء، المقدم لها على ما يرضي الله بالعابد لها، كقولك: عابد الدينار; فهو وصف، فلا يعارض الإجماع.
قوله: "حاشا عبد المطلب": حاشا الاستثنائية إذا دخلت عليها (ما) وجب نصب ما بعدها، وإلا جاز فيه النصب والجر.
وبالنسبة لعبد المطلب مستثنى من الإجماع على تحريمه; فهو مختلف فيه، فقال بعض أهل العلم: لا يمكن أن نقول بالتحريم والرسول صلى الله عليه وسلم قال:
أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب
فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يفعل حراما; فيجوز أن يعبد للمطلب إلا إذا وجد ناسخ، وهذا تقرير ابن حزم رحمه الله، ولكن الصواب تحريم التعبيد للمطلب; فلا يجوز لأحد أن يسمي ابنه عبد المطلب، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "أنا ابن عبد المطلب" فهو من باب الإخبار وليس من باب الإنشاء، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن له جدا اسمه عبد المطلب، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه سمى عبد المطلب، أو أنه أذن لأحد صحابته بذلك، ولا أنه أقر أحدا على تسميته عبد المطلب، والكلام في الحكم لا في الإخبار، وفرق بين الإخبار وبين الإنشاء والإقرار، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "إنما بنو هاشم وبنو عبد مناف شيء واحد"، ولا يجوز التسمي بعبد مناف.
وقد قال العلماء: إن حاكي الكفر ليس بكافر; فالرسول صلى الله عليه وسلم يتكلم عن شيء قد وقع وانتهى ومضى; فالصواب أنه لا يجوز أن يعبد لغير الله مطلقا، لا بعبد المطلب ولا غيره، وعليه; فيكون التعبيد لغير الله من الشرك.
انتهى عن كتاب "القول المفيد على كتاب التوحيد"
و هذا سؤال وجه للعلامة الألباني :
السؤال: ما الفهم الصحيح لقول النبي ص: «أنا النبي لا كذب..أنا ابن عبد المطلب» مع نهي النبي ص عن التعبيد لغير الله عز وجل.؟
الشيخ: ليس في هذا الكلام الذي صح عن الرسول عليه السلام، ليس فيه أي تعارض بينه وبين نهيه أو أمره المستفاد منه النهي عن التعبيد لغير الله، ذلك لأنه هو ينتسب إلى جده عبد المطلب حيث أن هذا هو اسمه، علم المعروف به عند الناس، فهو لم ينشأ اسماً عبَّد فيه شخصاً إلى غير الله عز وجل، وإنما عرف الناس بأنه ابن عبد المطلب، فهو لا يستطيع أن يعرف الناس بانتسابه إلى عبد المطلب بتغيير اسمه، يعني أنا أضرب لكم مثلاً:
كثير من الشيعة كما تعلمون يسمون بعبد الحسين، وعبد الحسن..ونحو ذلك، فنحن نقول: قال عبد الحسين في كتاب المراجعات كذا وكذا، ونحن الذين نقرر في كتبنا بأنه لا يجوز التعبيد لغير الله تبارك وتعالى، فلا يتبادر لذهن من يقرأ قولي: قال عبد الحسين في كتاب كذا.. أنني عبَّدت إنساناً لغير الله عز وجل؛ لأنه كما يقول العلماء: ناقل الكفر –أو حاكي الكفر- ليس بكافر.
فإذاً هذا الحديث: «أنا النبي لا كذب..أنا ابن عبد المطلب» لا يتعارض مطلقاً مع المعروف عن النبي ص أنه يحرم التعبيد لغير الله عز وجل، فهو ناقل وليس بمؤسس.
"الهدى والنور"(188/ 01:02:09)
و قيل إن تسمية عبد المطلب هي من قبيل الرق و ذلك من قصة عبد المطلب مع عمه المطلب حين أردفه خلفه، وأصابته الشمس فتغير لونه، فلما دخل مكة به رأوه رديفاً له فقالوا: هذا عبد المطلب, فعرف بذلك.
و قد استدل المستثنون لعبد المطلب بأنه يوجد بعض الصحابة بهذا الإسم و لم ينكر عليهم النبي ذلك بخلاف غيرها من الأسماء, و قيل إن المحققين قالوا إن أسماء من سمي من الصحابة بعبد المطلب إنما أسماؤهم المطلب بدون تعبيد و إنما حصل الخطأ في النقل.
و يكفي المؤمن الصادق الباحث عن النجاة سنة النبي الواضحة و إجماع الأمة في تحريم ذلك بل هو من الشرك.
و إتماما للنصيحة أنقل لمحمد عبد المقصود فتوى للعلامة شيخ الإسلام ابن باز رحمه الله لعله ينتفع بها :
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم مدير الجوازات والجنسية برابغ وفقه الله لكل خير آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده:
حضر عندي من سمى نفسه عبد الله بن عبد الجزى، وسألني هل تجوز التسمية بعبد الجزى ؟ ؛ لأن الجوازات قد توقفت في تجديد تابعيته حتى تعرف حكم الشرع في اسم أبيه؟ .(1)
والجواب : قد أجمع العلماء على أنه لا يجوز التعبيد لغير الله سبحانه، فلا يجوز أن يقال: عبد النبي، أو عبد الحسين، أو عبد الكعبة أو نحو ذلك ؛ لأن العبيد كلهم عبيد الله عز وجل.
ومعلوم أن الجزى ليس من أسماء الله سبحانه فلا يجوز التعبيد إليه، والواجب تغيير هذا الاسم باسم معبد لله سبحانه, أو باسم آخر غير معبد كأحمد ومحمد وإبراهيم ونحو ذلك، ويجب عند التغيير أن يوضح في التابعية الاسم الأول مع الاسم الجديد حتى لا تضيع الحقوق المتعلقة بالاسم الأول.
هذا ما أعلمه من الشرع المطهر. ويذكر عبد الله المذكور أن أباه قد وافق على تغيير اسمه من عبد الجزى إلى عبد الرحمن، فليعتمد ذلك عند موافقة أبيه عليه، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
-------------------------------
(1) فلاحظ هنا أن السؤال هنا عن اسم أبيه و ما عذر, كما عذر بن عبد المقصود نفسه بذلك.




رد مع اقتباس
