التَّحذير من التَّفرق والاختلاف


وبيان حرمة المسلم ، وما يجب له من الحقوق

قال الله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}[1].
قال بعض المفسِّرين : تبيضُّ وجوده أهل السُّنَّة والائتلاف ، وتسودُّ وجوه أهل الفرقة والاختلاف .
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في (( المنهاج )) في الكلام على هذه الآيات : فالله تعالى قد أمر المؤمنين كلَّهم أن يعتصموا بحبله جميعًا ، ولا يتفرَّقوا.
وقد فسِّر حبله : بكتابه ، وبدينه ، وبالإسلام ، وبالإخلاص ، وبأمره ، وبعهده ، وبطاعته ، وبالجماعة .
وهذه كلُّها منقولةٌ عن الصَّحابة ، والتَّابعين لهم بإحسانٍ ، وكلُّها صحيحةٌ ، فإنَّ القرآن يأمر بدين الإسلام ، وذلك هو عهده ، وأمره ، وطاعته . والاعتصام به جميعًا إنَّما يكون في الجماعة ، ودين الإسلام حقيقة الإخلاص لله .
وفي (( صحيح مسلم )) عن أبي هريرة – رضى الله عنه – عن النَّبيِّ أنَّه قال :
(( إنَّ الله يرضى لكم ثلاثًا : أن تعبدوه و لا تشركوا به شيئًا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولَّاه الله أمركم ))[2].
والله تعالى قد حرَّم ظلم المسلمين أحياءهم وأمواتهم ، وحرَّم دماءهم ، وأموالهم ، وأعراضهم ، وقد ثبت في (( الصحيين )) عن النَّبيِّ أنَّه قال في حجَّة الوادع :
(( إنَّ دماءكم ، وأموالكم ، وأعراضكم ، عليكم حرامٌ ، كحرمو يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، ألا هل بلَّغت ، ألا ليبلِّغ الشَّاهد الغائب ، فربَّ مبلغٍ أوعى من سامعٍ ))[3].
وقد قال تعالى :
{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }[4].
فمن آذى مؤمناً حيّاً أو ميتًا ، بغيرذنبٍ يوجب ذلك ، فقد دخل في هذه الآية[5].
ومن كان مجتهدًا لا إثم عليه ، فآذاه مؤذٍ فقد آذاه بغير ما اكتسب .
ومن كان مذنبًا – وقد تاب من ذنبه ، أو غفر له بسببٍ آخر ، بحيث لم يبق عليه عقوبةٌ – فآذاه مؤذٍ فقد آذاه بغير ما اكتسب .
انتهى كلام شيخ الإسلام ابن تيميَّة – رحمه الله تعالى -[6] .
وعن أبي هريرة – رضى الله عنه – عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، أنَّه قال :
((لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى ها هنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)) رواه مسلم[7] .
ولهما عن ابن عمر مرفوعًا :
«المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ»[8].
ولهما عن أنس مرفوعًا :
« لا يؤمن أحدكم حتَّى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ نفسه» [9].
( وقال صلى الله عليه وسلم : « مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمَّى والسَّهر»[10].
وقال صلى الله عليه وسلم : « المسلم للمسلم كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا وشبَّك بين أصابعه»[11])....

منقول من كتاب « نصيحةٌ مهمَّةٌ في ثلاث قضايا»

للشيخ العلامة محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ - رحمه الله - .

والشيخ العلامة الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ- رحمه الله - .

والشيخ العلامة سعد بن حمد بن عتيق – رحمه الله تعالى - .

والشيخ العلامة عبد الله بن عبد العزيز العنقريّ - رحمه الله-.

والشيخ العلامة عمر بن محمدإبن سليم

تحقيق الشيخ الدكتور/ عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم – رحمه الله تعالى - .


[1] - سورة آل عمران ، الآيات : 102-106.

[2] - قلت :(طارق) الحديث أخرجه : أحمد ، مسلم ، ومالك .، وللعلماء شرحات نافعة جليلة منها شرح الشيخ العلامة الإمام " ربيع بن هادي " – حفظه الله – في كتابه مذكرة في الحديث النبوي ، والشيخ الفقيه العلامة " عبيد الجابري " حفظه الله تعالى في محاضرة مسجلة بعنوان " أن الله يرضى لكم ثلاثًا " والشيخ الدكتور " عبد السلام بن برجس " رحمه الله تعالى ضمن كتابه " الأمر بلزم جماعة المسلمين ....

[3] - البخاري ، كتاب الحج : (3/573-574) ، مسلم : ( 3/1305-1307) .

[4] - الأحزاب: آية58 .

[5] - في (( الدرر)) : (( الآيات )) .

[6] - (( منهاج السنة النبوية )) ، تحقيق الشيخ محمد رشاد سالم : (5/134-135) .

[7] - كتاب البر والصلة والآداب : (4/1986) .

[8] - البخاري : (5/ 97) ، مسلم : (4/1996) .

[9] - البخاري : (10/438) ، ومسلم : (4/1999) من حديث النعمان بن بشير.

[10] - البخاري : (1/ 565) ، ومسلم :(4/1999) من حديث أبي موسى .

[11] - ما بين القوسين ليس في « الدرر».

__________________
قال الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي - حفظه الله تعالى - " إذا كان للنّاس شعرات ، فنحن ليس لنا إلا شعار الأنبياء ، وإذا كان للنّاس دعوات فليس لنا إلا دعوة الأنبياء ، وإذا كان للنّاس مناهج فليس لنا إلا منهج الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام".المجموع (51/1)


روضة الجنة السلفية
م
ابوأنس طارق طيلب.منابر النور.