نــــــواقـــــض الإســـــلام
~~~~~~~~~~


اعلم أيها المسلم أن الله سبحانه أوجب على جميع العباد الدخول في الإسلام والتمسك به والحذر مما يخالفه ، وبعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم للدعوة إلى ذلك ، وأخبر عز وجل أن من اتبعه فقد اهتدى ، ومن أعرض عنه فقد ضل ، وحذر في آيات كثيرات من أسباب الردة ، وسائر أنواع الشرك والكفر ، وذكر العلماء رحمهم الله في باب حكم المرتد أن المسلم قد يرتد عن دينه بأنواع كثيرة من النواقض التي تحل دمه وماله ، ويكون بها خارجا من الإسلام ، ومن أخطرها وأكثرها وقوعا عشرة نواقض ذكرها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب وغيره من أهل العلم رحمهم الله جميعا ، ونذكرها لك فيما يلي على سبيل الإيجاز ؛ لتحذرها وتحذر منها غيرك ، رجاء السلامة والعافية منها ، مع توضيحات قليلة نذكرها بعدها.

الأول : من النواقض العشرة : الشرك في عبادة الله تعالى ، قال الله تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }
سورة النساء، الآية 116.
وقال تعالى :{ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } سورة المائدة، الآية 72.
ومن ذلك دعاء الأموات ، والاستغاثة بهم ، والنذر والذبح لهم .

الثاني : من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم فقد كفر إجماعا .

الثالث : من لم يكفّر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر .

الرابع : من اعتقد أن هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه ، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه ، كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكمه ، فهو كافر.

الخامس : من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به فقد كفر ؛ لقوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ }سورة محمد، الآية 9.

السادس : من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه كفر ، والدليل قوله تعالى :{ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ }{ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ }
سورة التوبة، الآيتان 65 ، 66 .

السابع : السحر ، ومنه الصرف والعطف ، فمن فعله أو رضي به كفر ، والدليل قوله تعالى :{ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ }سورة البقرة، الآية 102 .

الثامن : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين ، والدليل قوله تعالى :{ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
سورة المائدة، الآية 51.

التاسع : من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر ؛ لقوله تعالى : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
سورة آل عمران، الآية 85

العاشر : الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به ، والدليل قوله تعالى :{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ }سورة السجدة، الآية 22

ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف ، إلا المكره ، وكلها من أعظم ما يكون خطرا ، وأكثر ما يكون وقوعا . فينبغي للمسلم أن يحذرها ، ويخاف منها على نفسه ، نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه ، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى كلامه رحمه الله . ويدخل في القسم الرابع : من اعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنها الناس أفضل من شريعة الإسلام ، أو أنها مساوية لها ، أو أنه يجوز التحاكم إليها ، ولو اعتقد أن الحكم بالشريعة أفضل ، أو أن نظام الإسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين ، أو أنه كان سببا في تخلف المسلمين ، أو أنه يحصر في علاقة المرء بربه ، دون أن يتدخل في شئون الحياة الأخرى . ويدخل في الرابع أيضا : من يرى أن إنفاذ حكم الله في قطع يد السارق أو رجم الزاني المحصن لا يناسب العصر الحاضر . ويدخل في ذلك أيضا : كل من اعتقد أنه يجوز الحكم بغير شريعة الله في المعاملات أو الحدود أو غيرهما ، وإن لم يعتقد أن ذلك أفضل من حكم الشريعة ؛ لأنه بذلك يكون قد استباح ما حرمه الله إجماعا ، وكل من استباح ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة ؛ كالزنا ، والخمر ، والربا .

نشر هذا الموضوع في مجلة البحوث الإسلامية بالرياض، العدد السابع الصادر في الأشهر رجب وشعبان ورمضان وشوال عام 1403هـ
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

رحمه الله تعالي