شبكة الأمين السلفية - Powered by vBulletin
لا إلهَ إلاَّ اللَّه وحْدهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، لَهُ المُلْكُ، ولَهُ الحمْدُ، وَهُو عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ  |  لا حول ولا قوة إلا بالله  |  أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيومَ وأتوب إليه
النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: أحمد سالم الفتان بسوء كلام و تخبطه كل ما كتب مقال.

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    شرق بلاد الجزائر الحبيبة
    المشاركات
    1,851

    افتراضي أحمد سالم الفتان بسوء كلام و تخبطه كل ما كتب مقال.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمد لله رب العالمين ,الرحمن الرحيم, واللهم صلي وسلم وبارك على النبي الأمين.
    أما بعد:
    السلفي الموفق هو الذي يعرف منزلة نفسه ,ويعرف لها قدرها, ويكون مفتاح للخير ومغلاق لشر في الفتن والمحن ...., كما قال العلامة الفوزان حفظه الله في أحد دروسه:( الجاهل إذا دخل في الفتن أزدادة الفتنة ... ),ولا يكون المرء مفتاحا للخير, إلا إذا كان ناصحا لعباد الله, لقوله صلى الله عليه وسل{ الدين النصيحة،قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم}.رواه مسلم.
    اعلم يرحمني و يرحمك الله :
    أن الله سبحانه اذا أراد بعبد خيرا بصره بعيوب نفسه ,فمن كانت له بصيرة لم تخف عليه عيوبه, واذا عرف العيوب أمكنه العلاج ,وإيجاد الدواء, ولكن أكثرهم لا يبصرون ,والعجيب تجد من يتلذذ بتأجيج الفتن, غير مراع لنفسه قبل أن تؤول إلى مفاسد أخرة... , وتعينه نفسه التي دفعها الشيطان وزينها له ,بإختراع أسلوب ماكر والله المستعان, وهذا الأسلوب الجديد الغير مرضي النابع من الجهل وسوء الطوية, حيث يتقولون على العلماء ويركبون جمل وعناوين بتصورات خاطئة باطلة كاذبة, على الملاء وعلى مرائي إخوانه ومشايخه زعموا, مثال على سوء مقال فتان قائل:{فهل يحق لنا أن نقول أن الشيخ ربيع يطعن في الشيخ عبد المحسن العباد} وهذا الدعي ,أحمد سالم العضو المميز في كل السلفين زعموا .... الذي نصح وبين له ...حتى أبعدا من المنتديات السلفية تأديبا وتعزيرا له, و هذا مما تبين وأنكشف ما كان يخفيه , ألتصق به مرض المعدي في إبتكار أساليب الفتن بين العلماء.....وهذا الأسلوب الذي أنتهجه دليل على مخالطته ومجالسته... غير أخذا بنصائح العلماء ,وطلبة العلم وإخوانه, ولكنه المرض الذي لايحب ان يرحم أو يكرم نفسه, كما قال ابن مسعود رضي الله عنه :{ من أحب أن يكرم نفسه فليعتزل مجالسة اهل الهواء فإن مجالستهم ألصق من الجرب } فتدبر وتنبه يا أحمد سالم.
    أنظر يرعاك الله :
    كيف سولة له نفسه ويده لكتابتها ,وقبلها كان يدافع وينافح ...عن الشيخ ربيع السنة , فتبين أنه كان يهرف بما لايعرف ,وإلا ما السبب في أسلوبه الجديد الماكر أقل قليله التحريش بين الشيخ ربيع الشيخ العباد, واضحة ظاهرة لمن له مسكت فهم... أسلوب ماكرخبيث ...سبحان الله!مغير القلوب .
    قال أحمد سالم في مقاله الفتان بكلمة بما املاها عليه الشيطان :{...قيل أن الشيخ العيد شريفي وفقه الله للحق يطعن في الشيخ بن باز رحمه الله لانه قال أن العلامة ابن باز بطانته إخوانيةفهل يحق لنا أن نقول أن الشيخ ربيع حفظه الله تعالى يطعن في الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى ? الشيخ عبدالمحسن ما يقرأ ، ما يقرأ أبدا عنده بطانة مجرمة}, الله المستعان ,أسلوب ماكر مؤجج للفتن, وساعي للفرقة, من الجزائر إلى السعودية مرورا بمكان إقامته ...راجع نفسك وتحمل وزرك أخي رحمة بك.
    أقول لك وأنا العبد الضعيف مستعينا بالله على إجاز:
    ـ على القيل والقال بنيت ألأحكام إتقي الله ...تمعن وأنظر : التعليق الكافي الشافي على مخالفات العيد شريفي للمنهج السلفي الشخ أبي بكر يوسف لعويسي -حفظه الله-.
    ـ قياسك ومثالك الكاسد مع الفارق بين العيد شريفي والعلامة ربيع, ألمْ تَرَ أَنَّ السيفَ يَنْقُص ـ ـ قدرهُ إذا قيل إنَّ السّيفَ أمضى من العصا.
    ـ أين طعن الشيخ ربيع لشيخ العباد إتقي الله ...هذا تصور وتقول ومقارنة خبيثة...هذا السلوب بعينه الذي حذر منه الشيخ السحيمي حفظه الله فلتراج.
    ـ وبعدها يأتي سؤالك وإستنتاجك وإنتظار الآجوبة فهل يحق لنا أن نقول أن الشيخ ربيع حفظه الله تعالى يطعن في الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى ......بل في منتداكم وانت راضي لأنك منهم غير ناكر لأنك لو أنكرت طردتا .....قالوا أكثر من قولك { يحق لنا أن نقول أن الشيخ ربيع يطعن...} تنقصا وإفتراء وطعن وتجهيل هذه المرحلة الأولى وأنت كنت تدافع عن الشيخ ربيع السنة , المرحلة الثانية البحث عن الزلات و الكلمات والتفسيرات ..دخلت معهم مناصح وناكرا عليهم زعما...والمرحلة الثالة وأنت واقع فيها التحريش والتجيش والبلبلة بين العلماء وطلبة العلم...والله المستعان .
    إتقي الله وأبتعد عن هذا الآسلوب الماكر فإنه مكشوف ...القوم يداهنوك ويخادعوك ولا يناصحوك ...

    راجع نفسك وتب إلى الله يا أحمد سالم فإنك في بلاد{الغربة} كما يقال .
    أسأل الله العظيم الحليم أن يجنبنا الفتن وتزين الشيطان فإننا نعوذ بك منه ...اللهم أمين.
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو هنيدة ياسين الطارفي ; 11-Jun-2012 الساعة 06:26 PM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    شرق بلاد الجزائر الحبيبة
    المشاركات
    1,851

    افتراضي رد: أحمد سالم الفتان بسوء مقال.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المصطفى الأمين.
    ذكرت في المقال أن أحمد سالم أنه كان يدافع ...عن الشيخ ربيع السنة حفظه الله , ودخل منتداء {كل السلفيين زعموا} ناصح ومبينا لهم مما وقف عليه من إسأءة وطعن وهو يعلم الكثير..عن و عند القوم ....ونصح أحمد بأن القلوب ضعيفة والشبه خطافة , ولكن الكيس من أتعظ بغيره ....وأنظروا ما كتبه في منتداهم وكيف القوم غيروه فتقلب وركب رأسه فصدق قول الشيخ صالح السحيمي في ذلكم المنتدأ...فأصبحا عضوا مميزا يتقن التعقيب بتحريش والفتنة ...كما أشرت في المقال و لايزال ,وأقول مثل ما قال في أحد تأجيجه للفتن وطريقته الجديدة.... ـ على ما يدل هذا يا أحمد سالم ؟ أقرأ ما كتبتا وقارن بين ما تكتبه الأن قف وقفة صدق مع نفسك ...وإياك طرق المهاك .

    قال أحمد سالم سدده الله قبل تبدله {لمنتدأ كل السلفين زعموا} ـ :

    {السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    لماذا تتكرر الإساءة على الشّيخ ربيع-????
    بصراحة يا اخوان لمذا لا تهتهمون برد على اهل بدع!!
    قال شيخ الإسلام في "نقض المنطق " : "الراد على أهل البدع مجاهد،!!
    قال الإمام أحمد : (لا غيبة لأصحاب البدع) ( طبقات الحنابلة[2/274])
    انا اعتقد ان العلماء كلهم بدون استثناء لايقبلون طعن في الشيخ ربيع!!!!
    فالذي أنصح به الأخوة الذين وقعوا في أعراض الشيخ ربيع ونالوا منه أن يتوبوا إلى الله تعالى مما كتبته أيديهم ، أو تلفظت به ألسنتهم مما كان سببا في إفساد قلوب بعض الشباب وشحنهم بالأحقاد والضغائن ، وشغلهم عن طلب العلم النافع ، وعن الدعوة إلى الله بالقيل والقال .}

    إربع على نفسك يا أحمد أعلم أن الأمر أختلط عليك ....
    وإلا كيف تسأل من يسيؤن ويطعنون في الشيخ ربيع وتتكرر كما قررت وتألمت منها ـ وهذه شهادة ـ, وأسأل العلماء بصدق هذا السؤال وانت تعلم الجواب ....والله أعلم.
    فاجتهد -يا عبد الله - في البعد عن الفتن ومسالكها ما ظهر منها وما بطن، وابتعد عنها وعن أهلها، والزم الحق فالحق أحق بالإتباع ولو خالفه الناس قال سبحانه وتعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}
    ونسأل الله السلامة لي ولك...
    ونسأل الله تعالى أن يبصرك للحق وأن تتعامل بطريق أهل الحق وأن تترك أهل الباطل والطعن والأعانة عليه على العلماء ومنهم الشيخ ربيع..الله أمين.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    شرق بلاد الجزائر الحبيبة
    المشاركات
    1,851

    افتراضي رد: أحمد سالم الفتان بسوء مقال.

    بسم الله الر حمن الرحيم
    الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى .
    ونسأل الله تعالى أن يجنبنا طرق الغاوين وأن نتعلم أدب وأخلاق العلماء الربانين....أمين.
    أعود وأعيد إلى ما أنتجه من مقال جديد وكان منتظر منه من قريب أو بعيد ليكسب مكانة عند محبي الفتن والتشغيب بفتح موضوع لتعليق ... في منتدا كل السلفين زعموا بعنوان : اتق الله يا أحمد بن عمر با زمول !!!!!! وبعدها قائلا :

    يا أحمد بن عمر بازمول و الله لا أعرفك ولا أريد أن أعرفك!!!!
    تذكرني بفوزي البحرني , الطعن أو القدح في أهل السنة !!!
    أين جهودك في الرد على سيد قطب ????
    اختبر نفسك ؟ هل أنت مجنون الشيخ علي بن حسن ???
    أخشى أن ترى الشيخ علي بن حسن حتى في المنام!!!!
    الكبر والغل والحقد والحسد للشيخ علي بن حسن !!!
    نسأل الله لنا ولك الهداية إلى الحق والثبات عليه..


    والتقوى التي أنت تنصح بها زعما وقيلت لك مرارا وتكرارا والظاهر أنك لا تعرف وعليك بطلب العلم وأن تذق محتاواها او أخذتك النفس الأمارة بسوء وعدوة اهل الأهواء ,واعلم أن التقوى سبب كل خير والعكس سبب كل شر ولا يخفى على من تأمل أن الاجتهاد في طلب العلم والتفقه في الدين من جملة التقوى، وبذلك يحصل النور والهدى، وهما الفرقان ...وفاقده لا يميز بل يتخبط ...نسأل الله السلامة.

    وكيف لك أن تعرفه وأنت غير قابل الحق ومدافع على الباطل وأهله .... وأنا متأكد أنك تعرفه ـ{ صيانة السلفي...} ـ وإلا ما الدافع لهجمتك التي أيقضت مضاجعكم واحمرت أوداجكم واخرج لعابكم .... بنفسة حاقدة ناقمة أنت ومعلقيك ...
    أحفظ عقلك وميز وأما الإقامة ـ في بلاد الكفر ـ أثرت فيك أخي أحمد سالم ,أين الشيخ أحمد من / البحريني ...فقدتا توازنك أخي ,وانتم وانت طعنتم في أعلام السنة فلتستيقض وتب إلى ربك ولا تتمادى ....وأعلم أنها مسمومة.
    والشيخ أحمد بازمول ـ نصره الله ـ يحيلك مثل ما أحال بعض العلماء إلى قرأة ردود العلامة ربيع السنة ـ ويكفي العناء وأنت تعرف الشيخ الفاضل ربيع وحشرت نفسك إلى من لا يعرفون الشيخ ربيع ـ ففكر ـ .

    وأما كلامك الغير مؤدب لا ألتفت ولا نلتفت إليه ولا الشيخ أحمد بازمول ـ وفقه الله لكل خير ـ ونحن مترفعون عنه ولا ننجر إليه , نتركه لأمثالكم الذين يتقنونه ....

    والله أسأل أن يجنبنا سوء الأدب وأن نعرف لعلمائنا وطلبة العلم حقهم ....أمين.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    شرق بلاد الجزائر الحبيبة
    المشاركات
    1,851

    افتراضي رد: أحمد سالم الفتان بسوء كلام و تخبطه كل ما كتب مقال.

    بسم الله الرحمن الرحيم .
    نسأل الله تعالى الثبات على الحق وان يجنبنا طريقة أهل العناد والكبر على الحق وأن يبصر المنخدعين في ذلكم النفق...أمـــــين .
    الحمد لله وحده.....
    تم تغير العنوان والزيادة في معناه ومبناه : ـ أحمد سالم {الفتان } بسوء كلام {وتخبطه }كل ما كتب مقال ـ لكثرة تخبطه وغرقه في بركة أهل الأهواء الحاقدين ...حيث وجد ما يملي ـ فراغه ـ وبطريقته الجديدة في الفتنة و والتشغيب كما أشرت سابقا ...والظاهر أنه
    بدأ يعرف الشيخ أحمد بازمول ـ حفظه المولى من الحاقدين والمتربصين به ..أمين ـ وهذا الصبي منهم , وبئس المسلك الذي أبتكره وأعانوه عليه ـ في منتداهم بلعضو المميز ـ .
    و الله المستعان .
    .......
    .
    بقيا إلا أن نقول :
    الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاه به و فضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    في إحدى الدول
    المشاركات
    4,889

    افتراضي رد: أحمد سالم الفتان بسوء كلام و تخبطه كل ما كتب مقال.

    الله المستعان نسأل الله له الهدية
    قال أبو الدرداء -رضي الله عنه - : إني لآمركم بالأمر و ما أفعله ، ولكن لعلّ الله يأجرني فيه .
    سير أعلام النبلاء4/19.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    شرق بلاد الجزائر الحبيبة
    المشاركات
    1,851

    افتراضي رد: أحمد سالم الفتان بسوء كلام و تخبطه كل ما كتب مقال.

    البرهان في نقض دعوىأنَّ الأئمة الثلاثة لا يرون هجر المبتدعة في هذا الزمان


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَنْ سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
    فإنَّ الأصولَ التي يحارب بها دعاةُ التمييع المنهجَ السلفي كثيرةٌ ومتنوعةٌ، ومن ذلك ما يشيعونه في أوساط الشباب السلفي من عدم مشروعية هجر المبتدعة أو مَنْ ظهرت انحرافاتهم المنهجية في هذا الزمان، وينسبون هذا إلى الأئمة الثلاثة (الشيخ ابن باز والشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين) رحمهم الله تعالى، وهذه دعوى باطلة ونسبة خاطئة تحتاج إلى رد وبيان، ولهذا سأنقض - بمعونة الله وتوفيقه - هذه الدعوى من ثلاثة وجوه:

    الوجه الأول: مشروعية الهجر في الكتاب والسنة والإجماع وآثار السلف.
    أما أدلة الكتاب:
    فمنها قوله تعالى: ((وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا)).
    وقوله تعالى: ((وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)).
    وقوله تعالى: ((فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ)).
    وقوله تعالى: ((الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ)).
    وغيرها من الآيات التي تدعوا إلى إقامة مبدأ الولاء والبراء، والتي تنهى عن متابعة أهل الهوى وتنهى عن التعاون على الإثم والعدوان.
    وأما الأحاديث:
    فمنها ما قالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ)) فقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ)).
    وقوله صلى الله عليه وسلم: ((سيكون في آخر أمتي ناس يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم)).
    وقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ)).
    وقوله صلى الله عليه وسلم: ((الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ)).
    وقوله: ((إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ؛ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً)).
    وهذا عبدالله بن عمر رضي الله عنهما لما سمع بظهور القدرية قال لمن أخبره بذلك: ((فإذا لقيتَ أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني)).
    وقال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: ((لا تجالس أهل الأهواء؛ فإنَّ مجالستهم ممرضة للقلوب)).
    وقال ابن مسعود رضي الله عنه: ((إنما يماشي الرجل ويصاحب مَنْ يحبه ومَنْ هو مثله)).
    وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: ((من فقه الرجل ممشاه ومدخله ومجلسه)).
    وأما الآثار عن التابعين وأئمة الدين في التحذير من المبتدعة والدعوة إلى هجرهم فكثيرة جداً، وهي معلومة ومنشورة في كتب أهل العلم، وبالأخص كتاب "الإبانة" للإمام ابن بطة رحمه الله، وقد جمع منها الآثار الكثيرة الشيخ خالد الظفيري وفقه الله في كتابه [إجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء] فليراجعه مَنْ أراد البسط والتفصيل.
    وأما الإجماع فقد نقل ذلك جماعة من أهل العلم:
    منهم الإمام الأوزاعي رحمه الله فقد قال في أحد رسائله كما في [تاريخ دمشق 6/361-362]: ((اتقوا الله معشر المسلمين، واقبلوا نصح الناصحين، وعظة الواعظين، واعلموا أنَّ هذا العلم دين فانظروا ما تصنعون وعمن تأخذون وبمن تقتدون ومن على دينكم تأمنون؛ فإنَّ أهل البدع كلهم مبطلون أفَّاكون آثمون، لا يرعوون ولا ينظرون ولا يتقون ولا مع ذلك يؤمنون على تحريف ما تسمعون، ويقولون ما لا يعلمون في سرد ما ينكرون وتسديد ما يفترون، والله محيـط بما يعملون، فكونوا لهم حذرين متهمين رافضين مجانبين، فإنَّ علماءكم الأولين ومَنْ صلح من المتأخرين كذلك كانوا يفعلون ويأمرون، واحذروا أن تكونوا على الله مظاهرين، ولدينه هادمين، ولعراه ناقضين موهنين بتوقير لهم أو تعظيم أشد من أن تأخذوا عنهم الدين وتكونوا بهم مقتدين ولهم مصدِّقين موادعين مؤالفين، معينين لهم بما يصنعون على استهواء من يستهون، وتأليف من يتألفون من ضعفاء المسلمين لرأيهم الذي يرون، ودينهم الذي يدينون، وكفى بذلك مشاركة لهم فيما يعملون)).
    وقال الإمام أبو عثمان إسماعيل الصابوني رحمه الله وهو ينقل مذهب أهل الحديث [عقيدة أصحاب الحديث ص112]: ((واتفقـوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع وإذلالهم وإخزائهم وإبعادهم وإقصائهم والتباعد منهم ومن مصاحبتهم ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم)).
    وقال الإمام البغــوي رحمه الله معقِّباً على حديث كعب بن مالك [شرح السنة 1/226 – 227]: ((وفيه دليل على أنَّ هجران أهل البدع على التأبيد، وكأنَّ رسول صلى الله عليه وسلم خاف على كعب وأصحابه النفاق حين تخلَّفوا عن الخروج معه فأمر بهجرانهم إلى أن أنزل الله توبتهم وعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم براءتهم، وقد مضت الصحابة والتّابعون وأتباعهم وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة ومهاجرتهم)).
    وقال العلامة الشاطبي رحمه الله في كتابه الاعتصام وهو يبين ذم البدع وأهلها: ((والثالث: إجماع السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن يليهم على ذمها كذلك وتقبيحها والهروب عنها وعمن اتسم بشيء منها، ولم يقع منهم في ذلك توقف ولا مثنويِّة، فهو بحسب الاستقراء إجماع ثابت، فدلَّ على أنَّ كل بدعة ليست بحق، بل هي من الباطل)).
    أقول:
    فهذه الأدلة والإجماع والآثار لا يُمكن لأحد من السلفيين أن يعرض عنها ويزعم عدم مشروعية هجر المبتدعة في زمن من الأزمان!، لأنَّ الهجر شريعة ربانية تتعلق بها عدة مصالح دينية ومقاصد شرعية، من أهمها: إقامة مبدأ الولاء والبراء؛ والله تعالى يقول: ((إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ))، ومنها تمييز الصفوف ودفع اختلاط أهل الباطل بأهل الحق؛ والله تعالى يقول: ((وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ))، ويقول: ((مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ))، وهذه المقاصد مطلوب تحقيقها على الدوام، فلا يُعطَّل العمل بهذا الأصل في زمن من الأزمان، قال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى في [أحد أشرطة سلسلة جلسات رمضان 1423هـ]: ((مَنْ قال أنه لا هجر في هذا الزمان؛ فقد قال: بأنَّ الإسلام غير صالح لكل مكان وزمان، لأنَّ الهجر من الإسلام)).

    الوجه الثاني: لا يجوز تحجير فهم المنهج السلفي على عالم من العلماء أو جماعة منهم دون الآخرين.
    بعض الناس يحاول أن يجعل العلماء عِضِين، فيجعل منهم مَنْ شاء ليُمثِّل المنهج السلفي في تقريراته وتوجيهاته، ثم يُلزم الناس بذلك!، وأما غيرهم من العلماء فلا يعتبر قولهم ولا يلتفت إليهم ولا يعتد بتقريراتهم ولا بتوجيهاتهم، ولا يلزم بها.
    ومعلوم أنه لا يجوز لأحد أن ينصِّب أحداً يلزم الناس بأقواله كلها إلا النبي صلى الله عليه وسلم وما أجمعت عليه الأمة، وأما قول إمام من أئمة المسلمين أو قول الجمهور أو اتفاق فقهاء المذاهب الأربعة فليس حجة إلا إذا وافق الدليل.
    قال شيخ الإسلام رحمه الله [المجموع 20/163-164]: ((ولهذا تجد قوماً كثيرين يحبون قوماً ويبغضون قوماً لأجل أهواء لا يعرفون معناها ولا دليلها، بل يوالون على إطلاقها أو يعادون؛ من غير أن تكون منقولة نقلاً صحيحاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة، ومن غير أن يكونوا هم يعقلون معناها ولا يعرفون لازمها ومقتضاها، وسبب هذا: إطلاق أقوال ليست منصوصة وجعلها مذاهب يُدعى إليها ويوالي ويعادي عليها!، وقد ثبتَ في الصحيح أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته: "إنَّ أصدق الكلام كلام الله" إلخ، فدين المسلمين مبني على اتباع كتاب الله وسنة نبيه وما اتفقت عليه الأمة، فهذه الثلاثة هي أصول معصومة، وما تنازعت فيه الأمة ردوه إلى الله والرسول.
    وليس لأحد أن ينصِّب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته ويوالي ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينصِّب لهم كلاماً يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع، الذين ينصِّبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون)).
    ولا ريب أنَّ تحجير فهم المنهج السلفي على بعض أئمة العصر هو من محدثات الحلبي في هذا الزمان!، فقد حاول الحلبي منذ سنين أن يرسِّخ - في نفوس قرائه - فكرة الرجوع إلى الأئمة الثلاثة (ابن باز والألباني وابن عثيمين رحمهم الله) فقط في المسائل الكبار والنوازل المدلهمة دون غيرهم من العلماء الأكابر!؛ ولو كان هؤلاء الأكابر في زمان أولئك الأئمة فضلاً عمن جاؤوا من بعدهم، ثم ازاد هذا الأمر في نفس الحلبي بعد أن ردت عليه اللجنة الدائمة وحذَّرت من كتبه ومسلكه بعد موت الأئمة الثلاثة!، حتى أصبح الحلبي يعد اتفاق هؤلاء الأئمة الثلاثة قريباً من الإجماع!، فقد قال الحلبي في مقدمة كتابه [التحذير من فتنة الغلو في التكفير الطبعة الثالثة/ دار المنهاج ص40-42]: ((وهذه الرسالة إخواني القراء مجموع فيها كلام ثلاثة من أئمة العلم في هذا العصر، هم المحدِّث العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ العلامة الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، والشيخ العلامة الأصولي الفقيه محمد ابن صالح العثيمين؛ رحمهم الله أجمعين، ونفع الأمة بعلومهم، وأصلح بتراثهم مَنْ انحرف عن نهج الحق وسبيله. إنَّ مشايخنا الأجلاء هؤلاء هم نجوم الهدى، ورجوم العِدى؛ مَنْ تمسَّك بغرزهم فهو الناجي، ومَنْ ناوأهم وعاداهم فهو المظلم الداجي - [ثم رد الحلبي ما قد يُتهم به من التقليد لهؤلاء الأئمة، وفرَّق بين المسائل الكبار التي لا يتصدر لها إلا الكبار من أهل العلم وبين المسائل العلمية التفصيلية التي قد يخفى وجه الحق فيها على آحاد العلماء، ثم قال:] - فالحكم الذي يتفق عليه مثل هؤلاء الأئمة الكبراء والعلماء الفقهاء لا يُبعد عن الصواب كثيراً مَنْ يدَّعي أنه الإجماع، وأنه الحق، وأنه الهدى والرشاد؛ لأنهم أئمة الزمان، وعلماء العصر والأوان، فلعل المخالف لهم مفارق للجماعة، ومخالف عن حسن الإتباع وصواب الطاعة)).
    ولا ريب أنَّ هذا المسلك فيه تحجير لواسع وبخس للعلماء الآخرين، لأنَّ هؤلاء الأئمة الثلاثة وإنْ كنا نعتقد أنهم أعلم الناس في ذلك الزمان، لكنَّ هذا لا يلزم منه أن نعدَّ قولهم إجماعاً أو كالإجماع يجب متابعته ويحرم مخالفته، أو أنَّ مخالفهم في مسألة معينة يعد مفارقاً للجماعة، فقد خالفهم كمثال على بطلان هذا التحجير: العلامة الشيخ مقبل رحمه الله تعالى في نازلة من النوازل الكبار وهي مسألة "الانتخابات"، فهل يعد رحمه الله مخالف للإجماع مفارق للجماعة؟!
    واليوم في مسألة "التعامل مع المخالف" يقول الحلبي - مؤكِّداً ومجدداً لمسلكه الحادث هذا - في كلمة مسجَّلة بصوته: ((أقول: كما أنَّ الغلو في التجريح نفس غريب؛ فالتمييع للدين والسكوت عن أهل البدع والأهواء نفس غريب، ولننظر كيف كان شيخنا الألباني وشيخنا ابن باز وشيخنا ابن عثيمين كانوا يفعلون؟ لم يكن همهم التجريح والغلو فيه، ولم يكن طريقهم السكوت عن أهل الأهواء وتمييع الدين، نحن نريد هذا النفس الغريب أن ننفيه عن الدعوة، ونريد هذا النفس الغريب الآخر أن ننفيه عن الدعوة، لذلك أنا أقول: ينبغي في هذا الأمر أن نكون على الوسط الشرعي الذي أمرنا الله به، وهو العدل، ولا أقصد بالعدل منهج الموازنات المبتدع، ولكن أنا كلامي فيمن يدعو إلى منهج السلف ومن يعظم منهج السلف ممن وقع في شيء من هذه الأمور)).
    والمقصد من كلامه هذا أن نبين الأخطاء ونحذَّر منها دون أن نجرِّح الأشخاص أو نتعرَّض لهم بطعن أو تبديع، وهذا هو الوسط الذي يظنه الحلبي وحزبه المعاصر، فقد قال في مقال بعنوان ["فأيُّ الفريقَين أحقُّ بالأمنِ إنْ كنتُم تعلمُون" بلاء التجريح... أم لواء التصحيح!؟] - أي جعل التجريح بلاءاً والتصحيح لواءاً - وقال فيه: ((هل نُرجِّح قولَ مَن طَعَن وجرَّح وضلَّل وأسقط بَعضاً مِن أهل السُّنّة - بما له مِن تَبِعات، وعليهِ مِن ملاحظات - ؟! أمْ نُرجِّحُ قولَ مَن تأنَّى وتمهَّل وصَبَرَ وتصبَّر وصحَّح وناصَحَ بعضًا مِن أهل السُّنَّة - بما له مِن إيجابيَّات، وبما يحملُ مِن ثَمَرات -؟!))، وقال فيه أيضاً: ((وواللـهِ - الذي لا يُحلَفُ إلا به -: إنَّ الدعوةَ إلى ائتلافِ أبناءِ الدَّعوةِ السلفيَّة ودعاتِها وشيوخِها على قولِ مَن يصبِرُ ويُناصحُ ويُصحِّحُ أوْلَى بألفِ مرَّةٍ ومرَّةٍ مِن الدَّعوة إلى اجتماعِهم على قولِ مَن يُجرِّح ويُسقط ويُضلِّل ويَطعَن))، وقال في إحدى حواشي كتابه [منهج السلف الصالح/ الطبعة الثانية ص147] - في أثناء دفاعه عن جمعية إحياء التراث -: ((فالطعن بهم - والحالة هذه - قد يكون طعناً بمَنْ زكَّاهم وبوَّأهم، نعم يخطئ الجميع لكن البحث في البدع والتبديع)).
    وهذا هو عينه مسلك عدنان عرعور وأبي الحسن المأربي في قاعدة "نصحِّح ولا نجرَّح" أو "نصحِّح ولا نهدم" أو "تجوز التخطئة ويحرم الطعن"، وقد ردَّها كبار العلماء منهم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله والشيخ عبدالله الغديان رحمه الله والشيخ أحمد النجمي رحمه الله والشيخ صالح الفوزان والشيخ عبدالمحسن العباد والشيخ ربيع والشيخ زيد المدخلي والشيخ عبيد الجابري حفظهم الله وغيرهم من أهل العلم، وقال فيها الشيخ ابن عثيمين: ((هذه قواعد مداهنة)).
    فنسبة هذا المسلك في "التعامل مع المخالف" إلى الأئمة الثلاثة باطل، وهو خلاف ما كانوا عليه، وقد بينتُ بطلان ذلك في مقال لي بعنوان [قاعدة "التحذير من الأخطاء وعدم التعرض للأشخاص" بين حسن البنا وأفراخه من أهل التمييع] لمن أحبَّ التفصيل.
    ولو فرضنا صحة هذا النسبة لهؤلاء الأئمة الثلاثة، وكذا نسبة عدم مشروعية الهجر في هذا الزمان، فهذا لا يلزم منه أن يكون منهجاً ملزماً للسلفيين في هذا الزمان، لأنَّ "تجريح مَنْ يستحق ذلك" من باب البيان والنصيحة والتحذير، وكذا "هجر المظهرين للمنكرات والداعين إلى البدع"، شريعة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع لا تعطَّل بقول عالم من العلماء ولا بقول جماعة منهم، وإنما الحجة في النص والإجماع والدليل المستنبط من ذلك، قال شيخ الإسلام رحمه الله في [المجموع 26/202-203]: ((وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة: النص، والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية؛ لا بأقوال بعض العلماء!؛ فإنَّ أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية لا يحتج بها على الأدلة الشرعية. ومَنْ تربى على مذهب قد تعوَّده واعتقد ما فيه وهو لا يحسن الأدلة الشرعية وتنازع العلماء لا يفرق بين ما جاء عن الرسول وتلقته الأمة بالقبول بحيث يجب الإيمان به وبين ما قاله بعض العلماء ويتعسَّر أو يتعذَّر إقامة الحجة عليه!، ومَنْ كان لا يفرق بين هذا وهذا: لم يحسن أن يتكلم في العلم بكلام العلماء، وإنما هو من المقلدة الناقلين لأقوال غيرهم)).
    فكيف إذا ثبت أنَّ غيرهم من كبار العلماء في زمانهم يقولون بالهجر والتبديع لمن يستحق؛ وهؤلاء الأئمة الثلاثة يثنون عليه وعلى ردوده؟!
    وكيف ونحن نعلم أنَّ الأئمة المتقدمين من السلف الصالح كانوا يحذِّرون من أهل البدع ويدعون إلى هجرهم؛ ولو كانت الشوكة والقوة لغيرهم، كما كان الحال في فتنة خلق القرآن ودولة المعتزلة، وقد كان الإمام أحمد رحمه الله يحذِّر من رؤوس الجهمية والمعتزلة؟
    بل كيف ونحن نعلم - كما سيأتي بيانه في الوجه القادم – أنَّ هذه النسبة للأئمة الثلاثة لا تثبت عنهم؟!

    الوجه الثالث: إنَّ نسبة عدم مشروعية الهجر في هذا الزمان إلى الأئمة الثلاثة غير صحيحة.
    لا بد أن نعلم أنَّ الهجر قد يكون من باب التأديب والزجر، وقد يكون من باب حفظ دين الناس والوقاية من شر المبتدعة.
    والغرض من الهجر التأديبي أمران؛ الأول: في حق المهجورين؛ وهو من باب زجرهم وتأديبهم لعلهم يرجعون عن باطلهم كله أو يخف، والثاني: في حق غيرهم؛ لينظروا إلى حال المهجور وما حصل له من مقاطعة وإذلال وتشريد فيرجعوا عن مثل حاله ويرتدعوا إنْ كان لهم نية في موافقته أو مشابهته ولو بعد حين.
    وهذا الهجر التأديبي قد يتعلق بالمصلحة والمفسدة وجوداً وعدماً، وقد يعمل به في حال ومكان وزمان وقد لا يعمل به، وقد يعمل به جزئياً في معاملة أهل السطوة ممن لهم أنصار يُخشى من عدوانهم وفتنتهم أو ممن يراد معهم بذلك تأليف قلوبهم؛ كمجرد السلام عليهم أو أن يبتسم في وجههم ويلين لهم الكلام أو الزيارة العامة لهم في مناسبة معينة مع عدم اللقاء والمجالسة على سبيل المؤانسة، وقد يعمل به كلياً فلا يسلم عليه ولا يزوره في مناسبة ولا يعوده إذا مرض ولا يصلي على جنازته، ومعرفة ذلك وتقديره راجعة إلى أهل العلم المعروفين بسلامة المعتقد وسداد المنهج.
    وأما الهجر المعروف بالوقائي فهو في كل حال وزمان ومكان؛ لأنَّ المقصود منه حفظ الدين، وهذا واجب على الإطلاق والدوام.
    وقد فصَّل شيخ الإسلام رحمه الله ذلك كله في كلام مبسوط في [مجموع الفتاوى 28/ 203-210 ]، ومن ضمن ما قاله رحمه الله: ((وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم، فإنَّ المقصود به: زجر المهجور وتأديبه، ورجوع العامة عن مثل حاله، فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفته: كان مشروعاً، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف، بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته: لم يشرع الهجر؛ بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف قوماً ويهجر آخرين، كما أنَّ الثلاثة الذين خُلِّفوا كانوا خيراً من أكثر المؤلفة قلوبهم، ولما كان أولئك سادة مطاعين في عشائرهم، فكانت المصلحة الدينية في تأليف قلوبهم، وهؤلاء كانوا مؤمنين، والمؤمنون سواهم كثير، فكان في هجرهم عز الدين، وتطهيرهم من ذنوبهم، وهذا كما أنَّ المشروع في العدو القتال تارة، والمهادنة تارة، وأخذ الجزية تارة، كل ذلك بحسب الأحوال والمصالح. وجواب الأئمة كأحمد وغيره في هذا الباب مبني على هذا الأصل، ولهذا كان يفرق بين الأماكن التي كثرت فيها البدع، كما كثر القدر في البصرة، والتجهم بخراسان، والتشيع بالكوفة، وبين ما ليس كذلك، ويفرق بين الأئمة المطاعين وغيرهم، وإذا عرف مقصود الشريعة سلك في حصوله أوصل الطرق إليه.
    وإذا عرف هذا، فالهجرة الشرعية هي من الأعمال التي أمر الله بها ورسوله، فالطاعة لا بد أن تكون خالصة لله، وأن تكون موافقة لأمره، فتكون خالصة لله صواباً، فمن هجر لهوى نفسه أو هجر هجراً غير مأمور به كان خارجاً عن هذا، وما أكثر ما تفعل النفوس ما تهواه ظانة أنها تفعله طاعة لله.
    والهجر لأجل حظ الإنسان لا يجوز أكثر من ثلاث كما جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث؛ يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام"، فلم يرخِّص في هذا الهجر أكثر من ثلاث كما لم يرخص في إحداد غير الزوجة أكثر من ثلاث، وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تفتح أبواب الجنة كل اثنين وخميس: فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً؛ إلا رجلا كان بينه وبين أخيه شحناء فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا"، فهذا الهجر لحق الإنسان حرام، وإنما رُخِّص في بعضه كما رُخِّص للزوج أن يهجر امرأته في المضجع إذا نشزت، وكما رخص في هجر الثلاث، فينبغي أن يُفرَّق بين الهجر لحق الله وبين الهجر لحق نفسه)).
    وقد نقل الشيخ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ رحمه الله في [الدرر السنية 8/443] كلام ابن تيمية هذا ثم عقَّب بعده: ((فانظر أيها المنصف بعين الإنصاف، واحذر التعصب والاعتساف، إلى ما قاله شيخ الإسلام من أنَّ في هجرهم عزاً للدين؛ هذا إذا كانوا مسلمين، لكنهم أصحاب معاص واقتراف لبعض الأوزار، فيجب هجرهم واعتزالهم حتى يقلعوا، وأما المشرك والمبتدع فلا نزاع في هجرهما، ولا خلاف فيه إلا عند مَنْ قلَّ حظه ونصيبه من العلم الموروث عن صفوة الرسل صلوات الله وسلامه عليه)).
    وقال شيخ الإسلام رحمه الله أيضاً في [المجموع 28/220-221]: ((فمن أظهر المنكر وجب عليه الإنكار، وأن يهجر ويذم على ذلك، فهذا معنى قولهم: "مَنْ ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له"، بخلاف مَنْ كان مستتراً بذنبه مستخفياً فإنَّ هذا يستر عليه؛ لكن ينصح سراً، ويهجره مَنْ عرف حاله حتى يتوب، ويذكر أمره على وجه النصيحة. النوع الثاني: أن يستشار الرجل في مناكحته ومعاملته أو استشهاده ويعلم أنه لا يصلح لذلك؛ فينصحه مستشاره ببيان حاله كما ثبت في الصحيح: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قالت له فاطمة بنت قيس: قد خطبني أبو جهم ومعاوية؟ فقال لها: "أما أبو جهم فرجل ضراب للنساء وأما معاوية فصعلوك لا مال له"، فبين النبي صلى الله عليه وسلم حال الخاطبين للمرأة، فهذا حجة لقول الحسن: "أترغبون عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه يحذره الناس"، فإنَّ النصح في الدين أعظم من النصح في الدنيا، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نصح المرأة في دنياها فالنصيحة في الدين أعظم. وإذا كان الرجل يترك الصلوات ويرتكب المنكرات وقد عاشره من يخاف أن يفسد دينه بُيِّنَ أمره له لتتقى معاشرته، وإذا كان مبتدعاً يدعو إلى عقائد تخالف الكتاب والسنة أو يسلك طريقاً يخالف الكتاب والسنة ويخاف أن يضل الرجل الناس بذلك بُيِّنَ أمره للناس ليتقوا ضلاله ويعلموا حاله؛ وهذا كله يجب أن يكون على وجه النصح وابتغاء وجه الله تعالى لا لهوى الشخص مع الإنسان؛ مثل أن يكون بينهما عداوة دنيوية أو تحاسد أو تباغض أو تنازع على الرئاسة فيتكلم بمساوئه مظهراً للنصح وقصده في الباطن الغض من الشخص واستيفاؤه منه فهذا من عمل الشيطان، و "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، بل يكون الناصح قصده أنَّ الله يصلح ذلك الشخص وأن يكفي المسلمين ضرره في دينهم ودنياهم، ويسلك في هذا المقصود أيسر الطرق التي تمكنه، ولا يجوز لأحد أن يحضر مجالس المنكر باختياره لغير ضرورة)).
    وقال في [المجموع 15/286]:((المعصية إذا كانت ظاهرة: كانت عقوبتها ظاهرة كما في الأثر "من أذنب سراً فليتب سراً، ومن أذنب علانية فليتب علانية"، وليس من الستر الذي يحبه الله تعالى كما في الحديث "من ستر مسلماً ستره الله"؛ بل ذلك إذا ستر: كان ذلك إقراراً لمنكر ظاهر!، وفى الحديث: "إنَّ الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، وإذا أعلنت فلم تنكر ضرت العامة"، فإذا أعلنت أعلنت عقوبتها بحسب العدل الممكن.
    ولهذا لم يكن للمعلن بالبدع والفجور غيبة، كما روي ذلك عن الحسن البصري وغيره، لأنه لما أعلن ذلك استحق عقوبة المسلمين له، وأدنى ذلك أن يذم عليه لينزجر ويكف الناس عنه وعن مخالطته، ولو لم يذم ويذكر لما فيه من الفجور والمعصية أو البدعة لاغتر به الناس، وربما حمل بعضهم على أن يرتكب ما هو عليه، ويزداد أيضاً هو جرأة وفجور ومعاصي، فإذا ذكر بما فيه إنكف وإنكف غيره عن ذلك وعن صحبته ومخالطته؛ قال الحسن البصري: "أترغبون عن ذكر الفاجر أذكروه بما فيه كي يحذره الناس"، وقد روي مرفوعاً؛ والفجور: اسم جامع لكل متجاهر بمعصية أو كلام قبيح يدل السامع له على فجور قلب قائله، ولهذا كان مستحقاً للهجر: إذا أعلن بدعة أو معصية أو فجوراً أو تهتكاً أو مخالطة لمن هذا حاله؛ بحيث لا يبالى بطعن الناس عليه، فإنَّ هجره نوع تعزير له، فإذا أعلن السيئات هجره، وإذا أسرَّ أسر هجره، إذ الهجرة هي الهجرة على السيئات، وهجرة السيئات: هجرة ما نهى الله عنه؛ كما قال تعالى: "والرجز فاهجر"، وقال تعالى: "واهجرهم هجراً جميلاً"، وقال: "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم")).
    وقال رحمه الله [المجموع 24/172-175]: ((وقد كان العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إذا تنازعوا في الأمر اتبعوا أمر الله تعالى في قوله: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً". وكانوا يتناظرون في المسألة مناظرة مشاورة ومناصحة وربما اختلف قولهم في المسألة العلمية والعملية مع بقاء الألفة والعصمة وأخوة الدين، نعم مَنْ خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافاً لا يعذر فيه فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع، فعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قد خالفت ابن عباس وغيره من الصحابة في أنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه وقالت: "مَنْ زعم أنَّ محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله تعالى الفرية"، وجمهور الأمة على قول ابن عباس؛ مع أنهم لا يبدِّعون المانعين الذين وافقوا أم المؤمنين رضي الله عنها، وكذلك أنكرت أن يكون الأموات يسمعون دعاء الحي لما قيل لها: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم"، فقالت: إنما قال: "إنهم ليعلمون الآن أن ما قلت لهم حق"، ومع هذا فلا ريب أنَّ الموتى يسمعون خفق النعال كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام" صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى غير ذلك من الأحاديث، وأم المؤمنين تأوَّلت، والله يرضى عنها، وكذلك معاوية نقل عنه في أمر المعراج أنه قال: "إنما كان بروحه"، والناس على خلاف معاوية رضي الله عنه، ومثل هذا كثير. وأما الاختلاف في الأحكام فأكثر من أن ينضبط، ولو كان كلما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة ولا أخوة، ولقد كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما سيدا المسلمين يتنازعان في أشياء لا يقصدان إلا الخير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم بني قريظة: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة"، فأدركتهم العصر في الطريق، فقال قوم: لا نصلي إلا في بني قريظة، وفاتتهم العصر، وقال قوم: لم يرد منا تأخير الصلاة، فصلوا في الطريق، فلم يعب واحداً من الطائفتين، أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن عمر، وهذا وإن كان في الأحكام فما لم يكن من الأصول المهمة فهو ملحق بالأحكام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟" قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "إصلاح ذات البين، فإنَّ فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين" رواه أبو داود من حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه، وصح عنه أنه قال: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".
    نعم صحَّ عنه أنه هجر كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم لما تخلفوا عن غزوة تبوك وظهرت معصيتهم وخيف عليهم النفاق، فهجرهم، وأمر المسلمين بهجرهم، حتى أمرهم باعتزال أزواجهم من غير طلاق خمسين ليلة إلى أن نزلت توبتهم من السماء، وكذلك أمر عمر رضي الله عنه المسلمين بهجر صبيغ بن عسل التميمي لما رآه من الذين يتبعون ما تشابه من الكتاب إلى أن مضى عليه حول وتبين صدقه في التوبة فأمر المسلمين بمراجعته.
    فبهذا ونحوه رأى المسلمون أن يهجروا من ظهرت عليه علامات الزيغ من المظهرين للبدع الداعين إليها والمظهرين للكبائر، فأما مَنْ كان مستتراً بمعصية أو مسراً لبدعة غير مكفِّرة فإنَّ هذا لا يهجر، وإنما يهجر الداعي إلى البدعة؛ إذ الهجر نوع من العقوبة، وإنما يعاقب من أظهر المعصية قولاً أو عملاً.
    وأما مَنْ أظهر لنا خيراً، فإنا نقبل علانيته ونكل سريرته إلى الله تعالى، فإنَّ غايته أن يكون بمنزلة المنافقين الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله لما جاءوا إليه عام تبوك يحلفون ويعتذرون، ولهذا كان الإمام أحمد وأكثر من قبله وبعده من الأئمة كمالك وغيره لا يقبلون رواية الداعي إلى بدعة ولا يجالسونه بخلاف الساكت، وقد أخرج أصحاب الصحيح عن جماعات ممن رمي ببدعة من الساكتين، ولم يخرجوا عن الدعاة إلى البدع، والذي أوجب هذا الكلام أنَّ وفدكم حدثونا بأشياء من الفرقة والاختلاف بينكم حتى ذكروا أنَّ الأمر آل إلى قريب المقاتلة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)).
    أقول:
    إذا عرفنا هذا، فإنَّ دعوى أنَّ الأئمة الثلاثة (الشيخ الألباني والشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين) رحمهم الله تعالى لا يرون هجر المبتدعة في هذا الزمان دعوى باطلة أو أدنى أحوالها نسبة غير دقيقة، بل هؤلاء الأئمة غير مخالفين لمنهج السلف في مسألة هجر المبتدعة على ما فصَّله شيخ الإسلام رحمه الله كما تقدَّم؛ وإليكم أيها المنصفون ما يدل على ذلك:

    1- الإمام الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله:
    سُئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله كما في [مجلة الفرقان، العدد/100 في ربيع الثاني 1419هـ]: هل يجوز مجالسة أهل البدع في دروسهم ومشاركتهم؟
    فكان جوابه: ((لا يجوز مجالستهم، ولا اتخاذهم أصحاباً، ويجب الإنكار عليهم وتحذيرهم من البدع، نسأل الله العافية)).
    وسُئل رحمه الله كما في [فتاوى نور على الدرب/ السؤال السادس عشر من الشريط رقم 82]: متى تجوز مقاطعة المبتدع؟ ومتى يجوز البغض في الله؟ وهل تؤثِّر المقاطعة في هذا العصر؟!
    فكان جوابه: ((المؤمن ينظر في هذه المقامات بنظر الإيمان ونظر الشرع، ونظر التجرد من الهوى، فإذا كان هجره للمبتدع وبعده عنه لا يترتب عليه شر أعظم، فإنَّ هجره حق، وأقل أحواله أن يكون سنة، وهكذا من أعلن المعاصي وأظهرها، أقل أحواله أنَّ هجره سنة.
    فإنْ كان عدم الهجر أصلح؛ لأنه يرى أنَّ دعوة هؤلاء المبتدعين وإرشادهم إلى السنة وتعليمهم ما أوجب الله عليهم، أنَّ ذلك يؤثِّر فيهم وأنه يفيدهم، فلا يعجِّل في الهجر، ومع ذلك يبغضهم في الله، كما يبغض الكافر في الله، ويبغض العصاة في الله، على قدر معاصيهم وعلى قدر البدعة، وبغض الكافر أشد، وبغض المبتدع على قدر بدعته، إذا كانت بدعته غير مكفرة، على قدرها، وبغض العاصي على قدر معصيته، ويحبه في الله على قدر إسلامه، أما الهجر ففيه تفصيل يقول ابن عبد القوي رحمه الله، في قصيدته المشهورة:
    وهجران من أبدى المعاصي سنة ... وقد قيل إن يردعه أوجب وآكد
    وقيل على الإطلاق ما دام معلناً ... ولاقه بوجــه مكفــر ملـــــبد
    وقيل على الإطلاق؛ يعني يجب الهجر مطلقاً، فالحاصل: أنَّ الأرجح والأولى النظر في المصلحة، فالنبي صلى الله عليه وسلم هجر قوماً، وترك آخرين لم يهجرهم، مراعاة للمصلحة الشرعية الإسلامية، فهجر كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم لما تخلَّفوا عن غزوة تبوك بغير عذر هجرهم خمسين ليلة فتابوا فتاب الله عليهم، ولم يهجر عبدالله بن أبي بن سلول وجماعة من المتهمين بالنفاق لأسباب شرعية اقتضت ذلك، فالمؤمن ينظر في الأصلح، وهذا لا ينافي بغض الكافر في الله، وبغض المبتدع في الله، وبغض العاصي في الله، ومحبة المسلم في الله، ومحبة العاصي على قدر إسلامه، ومحبة المبتدع الذي لم يعلن بدعته على قدر ما معه من الإسلام، لا ينافي ذلك.
    أما هجرهم فينظر للمصلحة:
    - فإذا كان هجرهم يرجى فيه خير لهم، ويرجى أن يتوبوا من البدعة ومن المعصية، فإنَّ السنة الهجر، وقد أوجب ذلك جمع من أهل العلم، قالوا: يجب.
    - وإن كان هجرهم وتركه سواء، لا يترتب عليه لا شر ولا خير فهجرهم أولى أيضاً، إظهاراً لأمر مشروع، وإبانة لما يجب من إظهار إنكار المنكر، هجره بأي حال أولى وأسلم، وحتى يعلم الناس خطأهم وغلطهم.
    - الحالة الثالثة: أن يكون هجرهم يترتب عليه مفسدة وشر أكبر، فإنه لا يهجرهم في هذه الحالة، إذا كان هذا المبتدع إذا هجر زاد شره على الناس وانطلق في الدعوة إلى البدعة، وزادت بدعه وشروره، واستغل الهجر في دعوة الناس إلى الباطل، فإنه لا يهجر بل يناقش ويحذَّر الناس منه، ولا يكون الناس عنه بعيدين، حتى يراقبوا عمله وحتى يمنعوه من التوسع في بدعته، وحتى يحذِّروا الناس منه، وحتى يكرروا عليه الدعوة، لعل الله يهديه حتى يسلم الناس من شره، وهكذا العاصي المعلن، إذا كان تركه وهجره قد يفضي إلى انتشار شره، وتوسع شره وتسلطه على الناس، فإنه لا يهجر بل يناقش دائماً وينكر عليه دائماً ويحذَّر الناس من شره دائماً، حتى يسلم الناس من شره، وحتى لا تقع الفتن بمعصيته)).
    وسُئل أيضاً [السؤال السابع عشر/ من الشريط رقم 185]: بم تنصحوننا في كيفية التعامل مع المبتدعة الذين نراهم ونتكلم معهم، ونتعامل معهم كل يوم؟
    فأجاب رحمه الله بقوله: ((الواجب هجرهم على بدعتهم، إذا أظهروا البدعة فالواجب هجرهم بعد النصيحة والتوجيه، فإنَّ المسلم ينصح أخاه، ويحذِّرهم مما حرم الله عليهم من البدع والمعاصي الظاهرة؛ فإن تاب وإلا استحق أن يهجر ولا يعامل، لعله يتوب، لعله يندم، لعله يرجع إلى الصواب، إلا إذا كان الهجر يترتب عليه ما لا تحمد عقباه؛ فإنه يتركه، إذا كان تركه أصلح في الدين، وأكثر للخير وأقرب إلى النجاح، فإنه لا يهجره، بل يداوم على نصحه وتحذيره من الباطل، ولا يهجره، قد يهديه الله بسبب ذلك، فالمؤمن كالطبيب إذا رأى العلاج نافعاً فعله، وإذا رآه ليس بنافع تركه، فالهجر من باب العلاج، فإن كان الهجر يؤثر خيراً وينفع هجر، وكان ذلك من باب العلاج، لعله يتوب ولعله يرجع عن الخطأ، إذا رأى من إخوانه أنهم يهجرونه، أما إن كان الهجر يسبب مزيداً من الشر، وكثرة أهل الشر وتعاونهم، فإنه لا يهجر ولكن يديم النصح له، والتوجيه وإظهار الكراهة لما عمل، ويبين له عدم موافقته على باطله، ولكن يستمر في النصيحة والتوجيه)).

    2- الإمام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى:
    تكلَّم الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في أحد مجالسه ضمن [سلسلة الهدى والنور/ شريط (95)] عن الهجر وأنواعه، فبيِّن رحمه الله الهجر من أجل الدنيا، ثم تكلَّم عن هجر المخالفين للشرع المعلنين لهذه المخالفات، وأنه من باب الزجر والتأديب والتربية، وسرد قصة الثلاثة الذين خُلِّفوا، ثم قال في [الدقيقة (43:25)]: ((فالشاهد: هذه المقاطعة جائزة، وهي داخلة في مبدأ الحب في الله والبغض في الله؛ لكن هذا الشيء مع الأسف اليوم أصبح في خبر كان!، نادراً جداً جداً أن تجد أحداً يقاطع المسلم لأنه انحرف عن الطريق!، لكنه يقاطعه لسبب مادي من الأسباب التي سبق الإشارة إلى بعضها!!.
    هذا النوع من المهاجرة لله، فهو مأجور عليه صاحبه، وهو غير مأزور، وهذا الذي نحن الآن اليوم بحاجة إليه!!.
    وأما المهاجرة في الدنيا؛ فهذا حرام لا يجوز إلا بمقدار ثلاثة أيام فقط، فإذا استمر في ذلك فهو حرام، والأمر كما قال عليه السلام في الحديث السابق: "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام"، هذا هو جواب ما سألته إن شاء الله)).

    3- الإمام الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرحه [لمعة الاعتقاد ص159]: ((هجران أهل البدع: الهجران مصدر هجر، وهو لغة: الترك. والمراد بهجران أهل البدع: الابتعاد عنهم، وترك محبتهم، وموالاتهم، والسلام عليهم، وزيارتهم، وعيادتهم، ونحو ذلك. وهجران أهل البدع واجب؛ لقوله تعالى: "لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَه"، ولأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم هجر كعب بن مالك وصاحبيه حين تخلفوا عن غزوة تبوك.
    لكن إنْ كان في مجالستهم مصلحة لتبيين الحق لهم وتحذيرهم من البدعة فلا بأس بذلك، وربما يكون ذلك مطلوباً؛ لقوله تعالى: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"، وهذا قد يكون بالمجالسة والمشافهة، وقد يكون بالمراسلة والمكاتبة، ومن هجر أهل البدع: ترك النظر في كتبهم خوفاً من الفتنة بها، أو ترويجها بين الناس، فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب لقوله صلى الله عليه وسلم في الدجال: "مَنْ سمع به فلينأ عنه، فو الله إنَّ الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات" رواه أبو داود، قال الألباني: وإسناده صحيح.
    لكن إنْ كان الغرض من النظر في كتبهم معرفة بدعتهم للرد عليها فلا بأس بذلك لمن كان عنده من العقيدة الصحيحة ما يتحصن به، وكان قادراً على الرد عليهم، بل ربما كان واجباً؛ لأنَّ رد البدعة واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)).
    وسُئل رحمه الله كما في [لقاء الباب المفتوح سؤال رقم 1347]: إذاكان هناك رجل عليه بعض الملاحظات سواء كانت في العقيدة أو في غيرها، وفيه خير كثير، ما هو ضابط التعامل معه والإستفادة منه؛ إذا كان صاحب قلم سيال أو منصب مرموق أو لديه من الطاقات ما ليس عند غيره؟
    فكان جوابه: ((إذا كان هذا الرجل مجاهراً بما عنده من البدعة فإنه لا ينبغي للإنسان أن يتعامل معه وأن يتردد عليه، لأنه وإنْ كان لا يتأثَّر به فقد يغترَّ به غيره، بمعنى أنَّ الناس ينخدعون ويظنون أنَّ هذا المبتدع على حق، والذي ينبغي: أن لا يتردد الإنسان على أهل البدع مهما استفاد منهم مالياً أو علمياً لما في ذلك من التغرير بالآخرين)).
    أقول:
    فهذا كلام هؤلاء الأئمة الثلاثة في مسألة الهجر، وهو ظاهر جداً أنهم على سبيل السلف الصالح وعلى ما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله من قول فصل.
    ومع هذا فلا زال البعض ينسب إليهم القول بعدم مشروعية الهجر في هذا الزمان!، وقد لاحظ القارئ أنَّ أحد الأسئلة المطروحة على الشيخ ابن باز رحمه الله كان مقيداً بــ " وهل تؤثِّر المقاطعة في هذا العصر"، كما لاحظ القارئ أنَّ الشيخ الألباني رحمه الله يتأسَّف من ندرة الهجر الديني في هذا الزمان، وأننا بحاجة له.
    فأين هذا مما ينسب إليهم؟!
    وهل عرف المقلِّدون لهؤلاء المدَّعين حقيقة هذه الدعوى؟!
    نسأل الله أن يتبين لهم ذلك.
    أقول:
    ولعلَّ قائلاً متعجِّلاً مستدركاً يقول: لكنَّ الشيخ الألباني رحمه الله تعالى عنده كلمة مسجَّلة بصوته يُصرِّح فيها بأنه لا يرى الهجر في هذا الزمان؟!
    والجواب عن ذلك من جهتين:
    الجهة الأول: أنَّ من عادة أهل الزيغ أنهم يتبعون المتشابه من الكلام أو المجمل من القول أو يتتبعون رخص العلماء أو اجتهاداتهم التي أخطأوا فيها وزلَّوا أو انفردوا بها وشذُّوا، والله تعالى يقول: ((فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ))، والنبي صلى الله عليه وسلَّم حذَّرنا من هؤلاء كما تقدَّم في الوجه الأول من هذا الرسالة، وقد أخرج الدارمي عن زياد بن حدير قال: قال لي عمر: هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ قال: قلتُ: لا، قال: "يهدمه زلة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين"، وأخرج أبو داود عن معاذ رضي الله عنه: ((وأُحذِّركم زيغة الحكيم، فإنَّ الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق)) فقال له أحد أصحابه: ما يدريني رحمك الله أنَّ الحكيم قد يقول كلمة الضلالة، وأنَّ المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال: ((بلى اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال لها ما هذه؟! ولا يثنينك ذلك عنه فإنه لعله أن يُراجِع، وتلقَّ الحقَّ إذا سمعته فإنَّ على الحق نوراً))، وفي رواية: "في هذا المشبهات" مكان المشتهرات، وفي رواية: ((بلى ما تشابه عليك من قول الحكيم حتى تقول ما أراد بهذه الكلمة؟!))، ونقل الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في [بيان العلم وفضله ص360] قول سليمان التيمي رحمه الله: ((لو أخذتَ برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله)) ثم قال: ((هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً)).
    وروى الحافظ البيهقي رحمه الله في [السنن الكبرى 10/356] بإسناده عن إسماعيل القاضي أنه قال: ((دخلتُ على المعتضد بالله، فدفع إليَّ كتاباً، فنظرتُ فيه، فإذا قد جمع له من الرُّخص من زلل العلماء!، وما احتجَّ به كل واحد منهم!، فقلتُ: مصنِّفُ هذا زنديق!، فقال: ألم تصح هذه الأحاديث؟! قلتُ: الأحاديث على ما رويت؛ ولكن مَنْ أباح المسكِر النبيذ لم يبح المتعة!، ومَنْ أباح المتعة لم يبح المسكِر!، وما مَنْ عالم إلا وله زلَّة!، ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه!، فأمر المعتضد بإحراق ذلك الكتاب)).
    وبعض الناس اليوم حاله كحال صاحب هذا الكتاب يتتبع رخص العلماء وزلاتهم!، ويحاول أن يجعل من ذلك منهجاً يدعو إليه، فتجده في مسألة كذا يقول بقول الشيخ الفلاني، وفي مسألة أخرى يقول بقول شيخ آخر، وهكذا بحسب ما يهوى من الآراء وما يشتهي من المذاهب من غير بينة ولا النظر في الأدلة، حتى يجمع الشرَّ كلَّه ويرق دينه كما قال الحافظ الذهبي رحمه الله في [السير 8/81]: ((ومَنْ يتبع رخص المذاهب وزلات المجتهدين فقد رقَّ دينه))، وقد قيل قديماً: ((مَنْ تتبع الرخص فقد تزندق))!، ونُقل عن أحد المتزندقة أنه قال:
    الشافعي من الأئمة قائل........... اللعب بالشطرنج غير حـراموأبو حنيفة قال وهو مصدق....... في كل ما يروي من الأحكامشرب المثلث والمربع جائز............ فاشرب على أمنٍ من الآثـاموأباح مالكٌ الفقاح............. تكرماً في بطن جارية وظهر غـلام
    والحبرُ أحمد حلَّ جلدَ عُميرة........... وبذاك يستغنى عن الأرحـام
    فازنِ ولط واشرب وقامر......... واحتجج في كل مسألة بقول إمام
    فالواجب على المسلم الصادق أن لا يتبع العالم في زلته مع حفظ مكانته في النفوس، قال شيخ الإسلام رحمه الله في [الفتاوى الكبرى: 6/93]: ((إنَّ الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة وهو من الإسلام وأهله بمكانة عليا، قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور لا يجوز أن يتبع فيها!، مع بقاء مكانته ومنزلته في قلوب المؤمنين)).
    وقد قال الشيخ الألباني رحمه الله في [رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار ص47]: ((لقد خرجتُ من دراستي لهذه الرسالة النافعة للأمير الصنعاني رحمه الله تعالى بالعبر الآتية: الأولى: أنني ازددت إيماناً ويقيناً بالقول المأثور عن جمع من الأئمة: "ما منا من أحد إلا رَدَّ ورد عليه إلا النبي صلى الله عليه وسلم"، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية زلَّت به القدم فقال قولاً لم يسبق إليه ولا قام الدليل عليه!، ومن هنا قالوا: "زلة العالم زلة العالم"، فلو أننا كنا مبتلين بتقليده كما ابتلي كل مقلِّد بتقليد إمامه لزللنا بزلته؛ ولذلك قالوا: "الحق لا يعرف بالرجل، اعرف الحق تعرف الرجال"، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله)).
    الجهة الثاني: أنَّ الشيخ الألباني رحمه الله تعالى تقدَّم كلامه في مشروعية الهجر، وفيه أنه يتأسَّف على عدم تطبيق هجران المنحرفين عن الحق في هذا الزمان، فنحن بين أمرين لا ثالث لهما:
    إما أن نقول: أنَّ الشيخ الألباني قد تناقض!، أو نضرب كلامه بعضه ببعض!، أو نأخذ بعضه بحسب ما نهوى ونعرض عن الآخر!.
    وإما أن نقول: أنَّ الهجر الذي لم يره الشيخ الألباني رحمه الله في هذا الزمان هو في حالات خاصة، كالهجر من باب الزجر والتعزير، أو هجر المبتدع المستتر غير الداعي لبدعته، أو الهجر في أمكنة لم تظهر فيها السنة وتقوم بها الحجة على العباد لكثرة أهل الباطل فيها وظهورهم وقوتهم وقلة أهل الحق وخفائهم وقهرهم وضعفهم، أو يرى الشيخ رحمه الله عدم الابتداء والمسارعة في تطبيق مبدأ الهجر في هذا الزمان على كل مَنْ ظهرت له مخالفة، بل لا بد من الصبر على مناصحة المخالِف، فإذا أيس منه بعد تكرار المحاولة والصبر عليه فيطبِّق حينئذ معه الهجر.
    ولهذا نجد أنَّ الشيخ الألباني رحمه الله قد هجر أناساً معينين، وماتوا - أو مات هو - ولم يرجع أحد منهم، فلو كان الهجر ممنوعاً مطلقاً في هذا الزمان لكان الشيخ رحمه الله من أول المخالفين له!.
    وإليكم بيان ذلك:
    - قال الشيخ الألباني رحمه الله في شريط [الرد على الأحباش/ الوجه الثاني/ الشريط 90 ]: (( فمن كان عالماً بالخير والشر كحذيفة بن اليمان، وكان بالتالي في هذا الزمان عارفاً بالسنة فيتبعها ويحض الناس عليها وعالماً بالبدعة فيجتنبها ويحذِّر الناس منها، هذا الشخص هو الذي يجوز له أن يجادل أهل البدعة أو المبتدعة، أما كما يفعل بعض إخواننا الذين لم يؤتوا من العلم إلا حظاً قليلاً، ثم يدخلون في مجادلة مَنْ هم أقوى منهم علماً ولو كان هذا العلم مشوباً بكثير من البدعة أو علم الكلام كما قلنا آنفاً؛ فهؤلاء ننصحهم أن ينطووا على أنفسهم، بأن يعتزلوا المبتدعة، وأن لا يجادلوهم، لأنهم سيتأثرون بشبهاتهم كمثل السؤال الذي سمعتم في أول الجلسة وسمعتم الرد عليه، أنهم يصغون إلى كل ناعق، وإلى كل صائح، فتتعلق الشبهة في ذهن السامع، ثم هات حتى يتيسَّر له عالم يتمكن من إزالة هذه الشبهة من نفسه، لذلك تكاثرت النصوص من سلفنا الصالح من العلماء كمالك وأحمد وغيرهم أنهم كانوا يحذِّرون الناس من الجلوس مع أهل البدعة؛ بل كانوا يأمروهم بمقاطعتهم خشية أن يتسرَّب شيء من شبهاتهم إلى نفوسهم)).
    وسئل رحمه الله السؤال الآتي: هل صحيح ما نسمعه من أنَّ هجر المبتدعة في هذا الزمان لا يطبق؟
    فأجاب رحمه الله بقوله: ((هو يريد أن يقول لا يحسن أن يُطبق، أما هل صحيح لا يُطبق؟، ولا يُطبق، لأنَّ المبتدعة والفسَّاق والفجَّار هم الغالبون، لكن هو يريد أن يقول: لا يحسن أن يطبق، وهو كأنه السائل يعنيني أَوَّل ما يعنيني، أقول: نعم هو كذلك؛ لا يَحسُن أن يُطَبَّق، وقد قلتُ هذا صراحة آنفاً، حينما ضَرَبْتُ المثـل الشامي "أنتَ مْسَكِّر وأنا مبطِّل"، نعم، اتفضل.
    السائل: لكن؛ مثلاً يعني إذا وُجِدَت بيئة والغالب في هذه البيئة أهل السنَّة مثلاً، ثم وجد بعض النَّوَابِت ابتدعوا في دين الله عزَّ وجل، فهنا يُطبق أم لا يطبق؟
    قال الشيخ: وجدت فيها الجماعة نَفسهُم؟
    السائل: في نفس هذه البيئة التي يَسُودُها يعني الحق، وظهر الباطل وظهرت البدع، في هذه الحالة ما قولكم؟
    قال الشيخ رحمه الله: يجب هنا استعمال الحكمة، هذه الفئة الظاهرة القوية هل إذا قاطعت الفئة المنحرفة عن الجماعة - يعود الكلام السابق - هل ذلك ينفع الطائفة المتمسِّكة بالحق أم يضرها؟ هذا من جهتهم.
    ثم هل ينفع المقاطَعين والمهجورين من الطائفة المنصورة أم يَضرُّهم؟ هذا سبق جوابُه في ذلك.
    يعني لا ينبغي أن نأخذ هذه الأمور بالحماس وبالعاطفة، إنَّما بالرَّويَّة والأناة والحكمة، إنَّا نحن هنا مثلاً، شذ واحد من هؤلاء، خالف الجماعة، آه يا غيرة الله هذا قاطعوه!، لا، ترفَّقوا به، انصحوه، أُرشدوه، صاحِبوه مُدَّة فإذا يُؤِسَ منه أَولاً، ثمَّ خُشِيَ أنْ تسـريَ عدواه إلى زيد وبكر ثانياً، حينئذٍ يُقاطَع إذا غَلـبَ على الرَّأي أنَّ المقاطعة هي العلاج، وكما يُقال: آخر الدَّواء الكَيّ)).
    وقد ناقش الشيخ الألباني رحمه الله في [السلسلة الصحيحة 6/6 حديث ((2507))] محمد نسيب الرفاعي في دعواه "عصمة نساء النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وذريته من الوقوع في الفاحشة كعصمة الأنبياء" وأنَّ الصحيح أنهن معصومات بمعنى عدم وقوعهن في الفاحشة شرعاً وواقعاً لا عدم إمكانية هذا الأمر في نفسه كما هو الحال في عصمة الأنبياء، ثم لما رأه أصرَّ على رأيه وظلمه لخصمه قال الشيخ رحمه الله: ((فلما تيقنتُ إصراره على رأيه وتقوّله عليه، وهو يعرف نزاهته وإخلاصه قرابة ثلاثين سنة، أعلنتُ مقاطعته حتى يعود إلى رشده، فكان كلما لقيني وهشَّ إليَّ وبشَّ أعرضتُ عنه، ويحكي للناس شاكياً إعراضي عنه، متجاهلاً فعلته، وأكثر الناس لا يعلمون بها، في الوقت الذي يتظاهر فيه بمدحي والثناء عليَّ وأنه تلميذي، إلى أن فوجئت به في منزل أحد السلفيين في عمان في دعوة غداء في منتصف جمادى الأولى لسنة "1396" فسارع إلى استقبالي كعادته، فأعرضت عنه كعادتي، وعلى المائدة حاول أن يستدرجني إلى مكالمته بسؤاله إياي عن بعض الشخصيات العلمية التي لقيتُها في سفري إلى المغرب، وكنتُ حديثَ عهد بالرجوع منه، فقلتُ له: لا كلام بيني وبينك حتى تنهي مشكلتك!، قال: أي مشكلة؟ قلتُ: أنت أدرى بها، فلم يستطع أن يكمل طعامه. فقصصتُ على الإخوان الحاضرين قصته، وتعصبه لرأيه، وظلمه لأخيه المخالِف له، واقترحتُ عقد جلسة خاصة ليسمعوا من الطرفين، وكان ذلك بعد يومين من ذلك اللقاء، فبعد أن انصرف الناسُ جميعاً من الندوة التي كنت عقدتها في دار أحدهم في جبل النصر، وبقي بعض الخاصة من الإخوان، بدأ النقاش، فإذا بهم يسمعون منه كلاماً عجباً، وتناقضاً غريباً، فهو من جهة يشكوني إليهم لمقاطعتي إياه، وأنه يهشّ إليّ ويبشّ، ويتفاخر في المجلس بأني شيخه، ومن جهة أخرى لما يجري البحث العلمي بيني وبينه يصرح بتضليلي أيضاً وبمقاطعتي!، فيقول له الأخوان: كيف هذا؟ وأنت تشكو مقاطعته إياك!، فلا يجيب على سؤالهم، وإنما يخوض في جانب آخر من الموضوع. وباختصار فقد انكشف للحاضرين إعجابه برأيه وإصراره عليه، وتعدِّيه على مَنْ يزعم أنه شيخه وجزمه بضلاله، والله المستعان. فإذا قيل له: رأيك هذا هو وحي السماء، ألا يمكن أن يكون خطأ؟ قال: بلى، فإذا قيل له: فكيف تجزم بضلال مخالفك مع احتمال أن يكون الصواب معه؟ لم يحر جواباً، وإنما يعود ليجادل بصوت مرتفع، فإذا ذكِّر بذلك؛ قال: عدم المؤاخذة لقد قلتُ لكم: هذه عادتي؛ فلا تؤاخذوني)).
    وبدَّعه الشيخ رحمه الله لأجل هذه المسألة الدقيقة في موضع آخر فقال [السلسلة 4/403 حديث (1904)]: ((ففيهما ردٌ قاطع على مَنْ ابتدع القول بعصمة زوجاته صلى الله عليه وسلم محتجاً بمثل قوله تعالى فيهن: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيراً" جاهلاً أو متجاهلاً أنَّ الإرادة في الآية ليست الإرادة الكونية التي تستلزم وقوع المراد، وإنما هي الإرادة الشرعية المتضمنة للمحبة والرضا، وإلا لكانت الآية حجة للشيعة في استدلالهم بها على عصمة أئمة أهل البيت وعلى رأسهم علي رضي الله عنه، و هذا مما غفل عنه ذلك المبتدع مع أنه يدَّعي أنه سلفي!)).
    وسُئل رحمه الله تعالى: ما هو التفصيل في هجر المبتدع؟ هل يهجر على الإطلاق أم لا؟
    فأجاب بقوله: ((لا شك أنَّ هجر المسلم الصالح للمبتدع بل وللعاصي له أصل في السنة؛ وذلك من البغض في الله، ولكن يجب أن نراعي في ذلك مصلحة المهجور في الله تبارك وتعالى، فإذا كان يغلب على ظن الهاجر لمن يستحق الهجر من مبتدع أو عاص إذا ترتب من وراء الهجر إصلاحاً له فيجوز هجره، أما إذا كان يترتب من وراءه أن يزداد المهجور طغياناً وضلالاً وفراراً عن مصاحبة الأخيار فيكون مصيبة الهجر والحالة هذه لا تعود عليه إلا بالشر.
    فلذلك فأنا انصح - واعرف هذا من تجربتي - إننا إذا رأينا مبتدعاً يعيش بين ظهرانينا أو فاسقاً يعصي ربنا ألا يبادر إلى هجره؛ لأنَّ هذا الهجر سوف يكون بالنسبة له كالكلام الذي ينقل من العامة عندنا في دمشق الشام: زعموا أنَّ رجلاً فاسقاً تاركاً للصلاة تاب وأراد أن يصلي وذهب إلى المسجد لأول مرة فوجده مغلقاً فقال: أنت مسكر وأنا مبطل؛ هذا الفاسق أو هذا المبتدع إذا قيل: هجرتك في الله يقابل هذا الهجر بكل فرح وسرور؛ لأنه لا يرغب في رؤية هذه الوجوه، فالقصد يجب أن يكون المسلم الهاجر حكيماً يزن الأمور بميزان العقل والشرع، هل هذا الإنسان ينفعه أم يضره؟ لأنَّ المقصود من الهجر تربية، فإذا كان يغلب على الظن أنَّ الهجر يزيده ضلالاً وفسقاً وفجوراً حينئذ نتلطف معه كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع ذاك الرجل كان رئيساً لقبيلة، بينما جاء يستأذن في الدخول على النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال عليه الصلاة والسلام: "ائذنوا له بئس أخو العشيرة هو"، فلما دخل وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم هش وبش وكانت السيدة عائشة تراقب ذلك بدقة فلما خرج من عند الرسول صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله لما استأذن الرجل قلت بئس أخو العشيرة هو فلما دخل هششت له وبششت؟! فقال: "أي عائشة إنَّ شر الناس من يتقيهم الناس مخافة شرهم"، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم أشار إنَّ هذا الرجل شرير، وقال أهل العلم وشراح الحديث إنه كان رئيس قبيلة وتحته أفراد ضعفاء من المؤمنين فترفق به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولم يثر حفيظته بمصارحته إياه، بأنه قد يظلم ويطغى على بعض أصحابه، فعامله بالرفق واللين، كما جاء في السيدة عائشة نفسها رضي الله عنها أنها قالت قال رسول الله صلى اله عليه وآله وسلم: "يا عائشة ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما كان العنف في شيء إلا شانه"، فالمبتدع أو العاصي الجاهل بمعصيته في هذا الزمانباعتقادي لا يصلح مقاطعته وهجره؛ لأنَّ الغالب على الناس أنهم ليسوا من أهل الخير وأنهم لا يتعاونون مع الذي يهجره ولو لله، فسيجد من يصاحبه ومن يتعاون معه ولو على الشر كثير كثير جداً، فحينئذ لا يبالي أي مبالاة بالنسبة لهذا الذي قاطعه في الله تبارك وتعالى)).
    ومن ضمن أجوبة سؤالات ابن أبي العينين؛ قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: ((أوَّلاً نهيُ بعضِ علماء السلف عن مجالسة المبتدع والإصغاء لكلامه وعن معاشرته ونحو ذلك هذا مشروع من باب السياسة الشرعية، ومن باب المحافظة على سلامة عقيدة عامة الناس الذين لا يتمكنون من تمييز الخطأ من الصواب أو الباطل من الحق، فهذا لا يعني أكثر من باب تطبيق قاعدة سد الذريعة، يعني أيها الناس لا تصلوا وراء هذا المبتدع؛ هذا من باب ردعه، من باب مقاطعته، تأديباً له من جهة،وخوفاً على مَنْ يعاشرونه من جهة أخرى.
    اليوم يوجد بعض الآراء والأفكار أنَّ فلاناً صوفي، ويؤم الناس هل نصلي وراءه أم لا؟ الجواب: إنْ كنت تحكم بأنه مسلم وما خرج عن دائرة الإسلام فالصلاة خلفه صحيحة، لكن إنْ وجدت إماماً خيراً منه وأصلح منه أو من أهل السنة فتذهب إليه، أما إذا لم يكن إلا الأول فإما أن تصلي وحدك أو تصلي وراء هذا الإمام؟ صَلِّ وراء هذا الإمام، ولا تخالف نحو تلك الوصايا التي تقرأها في كتب بعض العلماء أنَّ فلاناً لا تصل وراءه - وقد يكون القائل مثل الإمام أحمد مثلاً - لأنه مبتدع، هذا من باب ما ذكرناه آنفاً: إما لتأديب هذا الإمام المبتدع، وإما خوفاً من أن تؤثر بدعته على هؤلاء الذين يصلون خلفه، أما اليوم فقد طفح الصاع وغلبت البدعة والجهل على أكثر الناس، فإذا قلنا: لا تصل خلف المبتدع، ولا تصل وراء مقلد، ولا تصل وراء صوفي؛ معناها أننا نقول له بلسان الحال - ولسان الحال أنطق من لسان المقال -: اعتزل الناس على رأس جبل، وما أعتقد أن يكون هذا اليوم، لأنه لا يزال كما قال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق)).
    قلتُ:
    فمن خلال كلمات الشيخ الألباني رحمه الله هذه نلاحظ أنَّ الشيخ لا يمنع من تطبيق الهجر في هذا الزمان مطلقاً كما يزعم الزاعمون!، وإنما ينصح بعدم المبادرة إلى استعماله؛ وبخاصة في وقت يكثر فيه الجهل والبدعة؛ لأنَّ في هذا الزمان أو المكان لا يستمع الناس إلى نصيحة العالم الذي يقرر الهجر، أما إن كانت المصلحة في ردع المهجور وتأديبه أو المفسدة من تأثر الناس الذين لا يميزون بين الحق والباطل به متحققة أو بغلبة الظن: فظاهر كلام الشيخ رحمه الله ومنطوقه مشروعية الهجر.
    فلا ينبغي لأحد أن يأخذ بعضاً من كلام الشيخ رحمه الله ويترك كلامه الآخر، لأنَّ هذا من التحريف والبتر المذموم شرعاً وعقلاً، وهذا الصنيع يُذكِّرنا بصنيع التنظيمات السياسية في الجزائر التي أخذت بجزء من فتوى الشيخ الألباني رحمه الله في الانتخابات المعروفة في أوائل التسعينيات من التاريخ الإفرنجي، وزعموا أنَّ الشيخ رحمه الله أفتى لهم بالدخول في العمل السياسي من خلال الدخول في البرلمانات!، بينما كان كلام الشيخ رحمه الله من باب الضرورات ومن باب تقليل المفسدة والأخذ بأخف الشرين.
    فما أشبه اليوم بالأمس؟!
    ثم أقول:
    لو فرضنا أنَّ الشيخ الألباني رحمه الله لا يرى هجر أهل البدع مطلقاً في هذا الزمان كما يدندن البعض وينشر!!، فأين دعوى أنَّ الشيخين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله لا يرون الهجر كذلك؟!!
    وهل يُعد قول الشيخ الألباني رحمه الله في مسألة الهجر في هذا الزمان منهجاً ملزماً منسوباً إلى المنهج السلفي مع مخالفته للنص والإجماع القديم ومخالفة كثير من علماء العصر له؟!
    فإذا تبين هذا، فإنَّ العجب لا ينقطع ممن ينتسب إلى المنهج السلفي وهو يدعو إلى عدم هجر المبتدعة في هذا الزمان مطلقاً، فهذه مخالفة ظاهرة لهذا المنهج الأصيل.
    وأخيراً أختم هذا الرسالة:
    بما قاله الشيخ صالح آل الشيخ وفقه الله تعالى في شرحه لمعة الاعتقاد: ((قال: "من السنة هِجران أهل البدع ومباينتهم" وهذا هو الذي كان أئمة أهل السنة يوصون به من عدم غشيان المبتدعة في مجالسهم ولا مخالطتهم، بل هجرانهم بالكلام، وهجران بالأبدان، حتى تُخمد بدعهم، وحتى لا ينتشر شرهم، فالدخول مع المبتدعة ومساكنتهم، سواء كانت البدع صغيرة أو كبيرة، والسكوت عن ذلك، وعدم هِجرانهم، والاستئناس لهم، وعدم رفع الرأس بحالهم مع بدعهم؛ هذا من حال أهل الضلال!.
    إذْ أهل السنة تميزوا بأنهم لهم الموقف الأعظم الذي فيه القوة والشدة مع أهل البدع مهما كانت البدع، فيهجرون أهل البدع، هجر المبتدع من أصول الإسلام، بل من أصول أهل السنة، لأنَّ جنس البدع أعظم من الكبائر، فالبدعة أشد وأعظم من الكبائر، وذلك من خمس جهات، نذكر بعضاً منها: الأولى: أنَّ البدعة من باب الشبهات، والكبائر من باب الشهوات، وباب الشبهات يعسر التوبة منه، بخلاف أبواب الشهوات، ولهذا جاء في الأحاديث من حديث معاوية وغيره، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في وصف أهل البدع: "تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه لا يبقَى منه عرق ولا مفصل إلا دخله"، وقد بيِّن عليه الصلاة والسلام إنْ صحّ الحديث، وقد صحّحه جمع من العلماء أنه قال: "أبى الله أن يقبل توبة صاحب بدعة حتى يدع بدعته"، وقد جاء في ذلك أيضا ًبعض الأحاديث التي منها ما يصح، ومنها ما لا يصح، ومنها ما رُوي أنه قال: من وقَّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام.
    نلاحظ اليوم أنه في هذه المسألة فيه تَرْكٌ لهذا الأصل!!، فكثير من الناس يُخالط المبتدعة ولا يهجرهم بحجج شتى؛ إمَّا دنيوية، وإما تارة تكون دعوية أو دينية!، وهذا مما ينبغي التنبه له والتحذير منه؛ لأن هِجران أهل البدع متعين، فلا يجوز مخالطتهم بدعوى أنَّ ذلك للدعوة، ولا مخالطتهم بدعوى أنَّ ذلك للدنيا، ولا مخالطتهم وعدم الإنكار عليهم بدعوى أنَّ هذا فيه مصلحة كذا وكذا، إلا لمن أراد أن ينقلهم لما هو أفضل لما هم فيه، وأن ينكر عليهم ويغير عليهم.
    الاهتمام بالسنة والرد على المبتدعة هذا كما تعلمون ظاهر في حال أئمة أهل الإسلام، فقد كانت حياتهم في الرد على المبتدعة، ولم يشغلوا أنفسهم بالرد على الكفار الأصليين من اليهود والنصارى!، فإذا رأيتَ كلام الإمام أحمد وسفيان وحماد بن زيد أو حماد بن سلمة ونعيم، وهم أئمة أهل السنة، والأوزاعي وإسحاق وعلي بن المديني؛ ونحوهم من أهل السنة والإسلام، وجدتَ أن جُلَّ كلامهم وجهادهم إنما هو في الرد على المبتدعة وفي نقض أصول المبتدعة؛ وإن كانوا باقين على أصل الإسلام، ولم يشغلوا أنفسهم بالرد على اليهود والنصارى وسائر ملل أهل الكفر!، وذلك لأنَّ شر المبتدع لا يظهر على أهل الإسلام، ولا يؤمَن على أهل الإسلام، أما الكافر الأصلي من اليهود والنصارى فشرُّه وضرره بين وواضح لكل مسلم؛ لأنَّ الله جل وعلا بيّن ذلك في كتابه، وهم ظاهرون، أما أهل البدع فالشر منهم كثير.
    ولهذا لا يحسن أن يُنسب لأهل السنة والجماعة أنهم مفرّطون في الرد على اليهود والنصارى ومنشغلون بالرد على أهل الإسلام؛ كما قاله بعض العقلانيين من المعتزلة وغيرهم: إنَّ أهل السنة انشغلوا بالرد على أهل الإسلام وتركوا الرد على الكفار من اليهود والنصارى وسائر أهل الملل الزائفة.
    وهذا سببه هو ما بينته لك أنَّ شر البدع أعظم؛ لأنَّ هؤلاء يدخلون على المسلمين باسم الإسلام، وأما أولئك ففي القلب منهم نفرة من اليهود والنصارى، فهدي أئمة الإسلام كان ظاهراً في الرد على المبتدعة، والرد على أهل الأهواء، ولم يعرف عنهم كبير عمل في الرد على اليهود والنصارى، وليس معنى ذلك أنَّ المؤمنين من أهل السنة لا ينشغلوا بالرد على اليهود والنصارى، لا، ولكن نذكر ما تميز به أئمة أهل السنة وإلا فالرد على كل معادٍ للإسلام من الكفار الأصليين، ومن أهل البدع متعيِّن وفرض، لكن من انشغل بالرد على المبتدعة لا يقال له: لِمَ تركتَ اليهود والنصارى؛ لم ترد عليهم وانشغلت بهؤلاء؟! نقول هذا هدي الأئمة الأولين، وكلٌّ يَردُّ في مجاله؛ منَّا من يرد على اليهود والنصارى، ومنَّا من يرد على المبتدعة، ونحن جميعاً نكون حامين لبيضة الإسلام من تلبيسات الملبِّسين، وبدع المبتدعين، وشرك المشركين، وضلالات الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم)).
    أقول:
    هذا ما أحببتُ بيانه في هذه الرسالة الموجزة، والله أسأل أن يوفِّقنا إلى ما يحب ويرضى، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يرزقنا الفهم الصحيح والعلم النافع والإخلاص والعدل، إنه وليُّ المؤمنين.
    م:سحاب / رائد أل طاهر.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    شرق بلاد الجزائر الحبيبة
    المشاركات
    1,851

    افتراضي رد: أحمد سالم الفتان بسوء كلام و تخبطه كل ما كتب مقال.

    بسم الله :
    تنبيه : مشبوه فيه بمحاولات بائسة في الأمين السلفية.
    يا أحمد سالم = سالم بن حاج.
    إلى الأن ...سبحان الله !!!

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    الدولة
    قسنطينة /الجزائر
    المشاركات
    384

    افتراضي رد: أحمد سالم الفتان بسوء كلام و تخبطه كل ما كتب مقال.

    أريد أن أعرف هل هو من الجزائر ؟
    فمن دعا إلى ما دعا إليه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فهو من دعاة الله، يدعو إلى الحقِّ والهدى، ومن دعا إلى ما لم يدعُ إليه محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم فهو من دعاة الشيطان يدعو إلى الباطل والضلال.([1])

    [1]: آثار ابن باديس (1/182).

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    شرق بلاد الجزائر الحبيبة
    المشاركات
    1,851

    افتراضي رد: أحمد سالم الفتان بسوء كلام و تخبطه كل ما كتب مقال.

    نعم أخي ـ هداه الله ـ أنه من الجزائر مقيم بفرنسا , مشارك في منتدى مثل ما أشار إليه الشيخ الفاضل السحيمي ( كل ؟؟؟) , ورفع برتبة مميز لتميزه بمواضيعه المؤيدة للفتن والتشغيب والتحريش والتطاول ....ولقد طرد وحذف من المواقع السلفية...واليوم يدخل خلسة ...لماذا ؟ الجواب واضح.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    الدولة
    قسنطينة /الجزائر
    المشاركات
    384

    افتراضي رد: أحمد سالم الفتان بسوء كلام و تخبطه كل ما كتب مقال.

    نعم وجدته مرة على منتدى الرحيق المختوم و لما قلت له لما تدافع عن عبد المالك و قد انتهى أمره رماني بالجهل ثم حذفه الأخ حمدي آل زيد حفظه الله بعدما رأى الفتن بدأت تشتعل
    فمن دعا إلى ما دعا إليه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فهو من دعاة الله، يدعو إلى الحقِّ والهدى، ومن دعا إلى ما لم يدعُ إليه محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم فهو من دعاة الشيطان يدعو إلى الباطل والضلال.([1])

    [1]: آثار ابن باديس (1/182).

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    شرق بلاد الجزائر الحبيبة
    المشاركات
    1,851

    افتراضي رد: أحمد سالم الفتان بسوء كلام و تخبطه كل ما كتب مقال.

    بسم الله :
    (الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاه به و فضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا
    .)
    أهكذا وبهذا الأسلوب الماكر تصطاد في الماء العكر, كن على صفا من أمرك , وهذا مما يؤكد أنك لا تقبل ولا تفهم نصائح العلماء والمشايخ وأقوالهم في من تشيد لهم , وأصبحت عبرة لغيرك, فتب توبة نصوح.
    وأعلم أنها محاولة فاشلة بائسة في ضرب المشايخ بعضهم ببعض بإستغلالك شبكة الشيخ يوسف لعويسي ـ حفظه الله ـ
    (الأمين السلفية ) في الشيخ أزهر سنيقرة ـ حفظه الله ـ .
    ملاحظة:
    و هذا من كتاب : الموقع البدعي ( ملتقى أنصار الهدى ) الذي يشرف عليه الشيخ عبد الحكيم ناصري والفوكي المحذر منه...

  12. #12

    افتراضي رد: أحمد سالم الفتان بسوء كلام و تخبطه كل ما كتب مقال.

    جزاك الله خيراً

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    شرق بلاد الجزائر الحبيبة
    المشاركات
    1,851

    افتراضي رد: أحمد سالم الفتان بسوء كلام و تخبطه كل ما كتب مقال.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    سبب طرده من ـ الأمين السلفية ـ
    أقول أولا: عدم إحترامه لبنود وشروط الشبكة ـ فليراجع ـ.
    وثبت عليه : أنه من متتبعي الفتن وتأجيجها بين المنتديات وأخر مواضيعه خير دليل .
    طعنه في الشيخ الفاضل ربيع بن هادي المدخلي بعد أن كان يدافع وينافح عنه ...وكذلك في مشايخ السلفيين ـ حفظهم الله ـ.
    وكذلك تحريه لمواطن الفتن والتحريش مما مرض على ذلك والتدليس والكذب وظهوره بلمظهر المتباكي المظلوم بسب طرده وهذا مصير كل من هو مثلك فلا غرابة في شبكة الأمين السلفية, ولله الحمد .
    والله المستعان .

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. كيف تزول عقوبة الذنوب؟
    بواسطة محبة السلف أم البنين في المنتدى مـنــبر الأســـرة المـــســلـــمـــة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-Apr-2017, 12:13 AM
  2. مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 19-Dec-2014, 10:52 PM
  3. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-Jul-2014, 03:23 AM
  4. كلام الشيخ أحمد بن عمر بازمول سلمه الله ورعاه في سالم الطويل والذب عن الشيخ العنجري حفظه الله 12صفر 1
    بواسطة ابوعيسي احمد عيسي الاثري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 18-Dec-2013, 01:01 AM
  5. كيف تصوم الجوارح في رمضان؟
    بواسطة أبو هنيدة ياسين الطارفي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 31-Jul-2012, 08:26 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •