بسم الله الرحمن الرحيم:
عباد الله ومما يذكر بالنار شدةُ الظهيرة ولاسيما في فصل الصيف، وقد جاء في المسند من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم",فهذا عباد الله مُؤَشِّرٌ و تذكرة للمتقين، وقد كان بعض السلف رحمهم الله إذا انصرف يوم الجمعة في شدة الحر إذا انصرف من الصلاة تذكر انصراف الناس يوم القيمة، انصرافهم إما إلى الجنة وإما إلى النار, فإن الناس عباد الله يوم القيامة ويوم القيامة يكون يوم جمعة، فإن القيامة تقوم يوم الجمعة، ولا يأتي منتصف ذلك النهار إلا وقد أقال أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار, قاله ابن مسعود رضي الله عنه وتلا قول الله تبارك وتعالى: ﴿أصحابُ الجنَّة يومئذٍ خيرٌ مُستَقَرًّا وأحسنُ مَقيلاً﴾ الفرقان: 24.
عباد الله ومما يذكر بنار يوم القيامة الشمس التي جعل الله في هذه الحياة، فهذه الشمس شأنها كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿وجعلنا سراجًا وهَّاجًا﴾ النبأ: 13,سراجا أي مضيئا وهاجّا أي حارا، فحرارة الشمس عباد الله تذكر بحر النار يوم القيامة، بل إنها عباد الله تذكر الناس شأنها عندما تدنو من الخلائق يوم القيامة، يوم يقفون على أرض عفراء مستوية لا ظل فيها ولا مأوى ولا مسكن، إلا من يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومما يذكر بالنار عباد الله ما يكون في هذه الحياة من الحوادث غير معتادة كالصواعق المهلكة والرياح المهلكة والريح المحرقة والبراكين الملتهبة، فأن هذه الأمور تذكّر بنار يوم القيامة قال الله تبارك وتعالى: ﴿ويرسل الصواعق فيصيب بها مَن يشاء﴾ الرعد: 13,وقال الله تعالى: ﴿فأصابَها إعصارٌ فيه نار فاحتَرَقَتْ﴾ البقرة: 266والآيات في هذا المعنى كثيرة.
ومما يذكر بنار القيامة عباد الله ما يصيب بني آدم في هذه الحياة، وقد جاء في سنن ابن ماجة بسند ثابت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الحمى كِيرٌ من جهنم فنحُّوها عنكم بالماء البارد",وورد في بعض ألفاظ الحديث "وهي حظُّ المؤمن من النار",ولهذا ينبغي على عبد الله المؤمن إذا أصابته الحمى أن يحتسب ذلك كفّارة عند الله عزّ وجل وتطهيرا وتمحيصا.
ومما يذكر بنار يوم القيامة هذه النار التي عندنا في الدنيا، وقد قال الله عزّ وجل: ﴿نحن جعلناها تذكرةً ومَتاعًا للمُقوين﴾ الواقعة: 73 أي تذكرة للناس بالنار التي أعدّها الله يوم القيامة، وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إنّ هذه النارَ جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ",أعاذنا الله وإياكم ووقانا ووقاكم، عباد الله عجبا ثم عجبا ثم عجبا ندري بنار وجنّة وليس لذي نشتاق أو من تلك نحذر، نسأل الله عزّ وجل أن يوقظ قلوبنا وأن يصلح نفوسنا وأن يجعلنا من عباده المعتبرين المتبصرين، وأن يفقهنا في دينه وأن يرزقنا البصيرةَ بشرعِه وأن يأخذ بنواصينا إلى كل خير، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله على إحسانه والشكر له على جوده وامتنانه، وأشهد ألا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، أما بعد:
عبادَ الله اتقوا الله تعالى، وراقبوه مراقبة من يعلم أن ربَّه يسمعه ويراه، عباد الله لو تفكّرنا جيدا، وتأمّلنا مليا لوجدنا أن أجسامنا هذه الضعيفة، لا تحتمل نار يوم القيامة, أجسامنا عباد الله لا تحتمل نار يوم القيامة، ونار يوم القيامة لا بد أن يجعل العبد بينه وبينها وقاية, كما قال الله عزّ وجل: ﴿قُوا أنفسَكم وأهليكم نارًا﴾ التحريم: 6 ﴿ليس بأمانيِّكُم ولا أمانِيِّ أهل الكتاب مَن يعمل سُوءًا يُجزَ به﴾ النساء: 123,ففكر أحد السلف في هذا الأمر الجلل فقال كلمة عظيمة قال: إنا نظرنا في هذا الأمر فوجدنا أن صبرنا على طاعة الله في الدنيا أهون من صبرنا على ناره يوم القيامة .
عباد الله إنك عندما تتأمل في واقع كثيرٍ منا، تجد الواحد منا يتجنب أنواعا من الأطعمة المباحة، وإذا سألته عن ذلك قال أتجنبها خشيةَ الداء، فيا من تتجنب لذيذ الطعام خشية الداء، ما بالك لا تتجنب المعاصي خشية ومخافة نار الله يوم القيامة، عباد الله نسأل الله جلّ وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجيرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, تعوذوا عباد الله من النار تعوذوا بالله من النار، وأعدوا لذلك اليوم عدته ﴿وإنْ منكم إلاَّ واردُها كان على ربِّك حَتمًا مَقضيًّا ثم نُنَجِّي الذين اتَّقَوا ونَذَرُ الظالمين فيها جثيًّا﴾ مريم: 71 – 72، نعوذ بالله من النار نعوذ بالله من النار نعوذ بالله من النار, اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار.
ـ الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله.
من خطبة صلاة الجمعة ليوم 20/5 /1427هـ.
م: البيضاء العلمية.أبو أحمد الجزائري.


رد مع اقتباس
