قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد :
هلم الى الدخول على الله ومجاورته في دار السلام بلا نصب ولاتعب ولاعناء بل من أقرب الطرق وأسهلها ,وذلك أنك في وقت بين وقتين وهو في الحقيقة عمرك ,وهو وقتك الحاضربين مامضى ومايستقبل,فالذي مضى نصلحه بالتوبة والندم والاستغفار , وذلك شئ لاتعب عليك فيه ولانصب ولا معاناة عمل شاق ,إنما هو عمل قلب ,وتمتنع فيما يستقبل من الذنوب ,وامتناعك ترك وراحةليس هو عملاً بالجوارح يشق عليك معاناته ,وإنما هوعزم ونية جازمة تريح بدنك وقلبك وسرك .
فما مضى تصلحه بالتوبة , ومايستقبل تصلحه بالامتناع والعزم والنية ,وليس للجوارح في هذين نصب ولاتعب,ولكن الشأن في عمرك وهو وقتك الذي بين الوقتين , فإن أضعته أضعت سعادتك ونجاتك ,وإن حفظته مع إصلاح الوقتين اللذين قبله وبعده بما ذكر نجوت وفزت بالراحة واللذة والنعيم ,وحفظه أشق من إصلاح ماقبله ومابعده, فإن حفظه أن تلزم نفسك بما هو أولى بها وأنفع لها وأعظم تحصيلاً لسعادتها ,وفي هذا تفاوت الناس أعظم تفاوت ,فهي والله أيامك الحاليه التي تجمع فيها الزاد لمعادك إما الى الجنة وإما الى النار .
فإن اتخذت اليها سبيلاً الى ربك بلغت السعادة العظمى والفوز الاكبر في هذه المدة اليسيرة التي لانسبة لها الى الأبد ,وإن آثرت الشهوات والراحات واللهو واللعب إنقضت عنك بسرعة, وأعقبتك الألم العظيم الدائم الذي مقاساته ومعاناته أشق وأصعب وأدوم من معاناة الصبر عن محارم الله والصبر على طاعته ومخالفة الهوى لأجله....إنتهى كلامه رحمه الله