بسم الله الرحمن الرحيم
بيانات هيئة صغار العلماء .. هؤلاء ماذا يريدون ؟!!
ضحايا بيان ( 26 ) عالما لا زال بعضهم في المعتقلات السياسية دوليا ومحليا حيث خسروا زهرة أعمارهم وخسر بعضهم أقرب الخلق إليه وأحبهم لقلبه وأرحمهم به والديه أو أحدهما أما البعض الآخر فقد قضى نحبه شهيدا بزعمهم في عملية انتحارية في صقع من أصقاع المعمورة وبنية مجاهد في سبيل الله تعالى .
الجميع يدرك ما تحمله بيانات هيئة صغار العلماء من شقاق وزرع للفرقة والاختلاف ونزع للثقة في هيئة كبار العلماء وإيجاد فجوة بين شباب الأمة وعامتهم وبين علمائهم الكبار.
هؤلاء أطلقوا على أنفسهم علماء وكثير منهم لو استفتيه في كيفية المسح على الخفين ما استطاع أن يبين لك الحكم والراجح والمرجوح.
اليوم ومع أحداث الفتن التي تتلاطم في عالمنا العربي وإشعال نار الغوغائية والفوضى من علماء التنظيم الحركي الصغار من شمر عن ساعديه وتصدر الساحة ببيان أيد فيه المتظاهرون وطمأنهم بصحة ما هم عليهم شرعا بل وصدر صكا لا يقبل النقض بالشهادة وجنة الخلد لقتلاهم في مواجهة حكامهم وولاة أمورهم والخروج عليهم .
وهذه الفتوى ذكرتني بأبيات عبد الرحمن بن ملجم الخارجي حيث تغنى بأبيات شعرية يحتسب فيها الأجر والثواب والقربة لله تعالى بدم أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه مع البون الشاسع بين أمير المؤمنين رضي الله عنه وبعض حكام السوء والجور المعاصرين.
بيان تسعون عالما يؤيدون المظاهرات ويؤكدون على الجماهير العربية الثائرة بضرورة مواصلة الخروج على قيادتهم وإذا ما نجحوا ضرورة تقديم هؤلاء الحكام الطواغيت للمحاكمة وضرورة الحكم عليهم بالإعدام شنقا .
والسؤال هنا ما الفرق بين فتاوى أصحاب هذا البيان وفتاوى علماء "قم " وأصحب العمائم خصوصا بما يتعلق بتأييد المظاهرات والإعتصامات في بلدان عربية غالب مواطنيها من أهل السنة ثم ألا يمكن اعتبار مثل هذا البيان ضمن أجندة خدمة تصدير الثورة الخمينية باعتبار أن الشيعة إخواننا وهو ما تعلموه وعلموه وأكدوا عليه في مصنفاتهم ومؤتمراتهم وملتقياتهم وجميع مناشطهم وأوكارهم .
بعد صدور بيان هيئة كبار العلماء بإدانة المظاهرات والإعتصامات وحرمتها شرعا والتحذير من الاغترار بدعاتها وفي اليوم التالي مباشرة صدر بيان آخر لهيئة صغار العلماء مؤكدين حرمة المظاهرات والإعتصامات والدعوة لوحدة الصف واجتماع الكلمة ولزوم الجماعة !!!.
والسؤال هنا ما الحاجة لبيان صغار العلماء كما وصفوا أنفسهم حتى وإن كان مؤيدا لبيان العلماء الكبار وداعيا للحمة والوحدة طالما صدر بيان هيئة كبار العلماء أليست في البيان الأول الكفاية أم أن هناك شريحة جماهيرية قد عزلت عن الاستجابة للكبار وربما تعلن تمردها على بيان وتحتاج لبيان هيئة الصغار مشايخهم ورموزهم ومشاهيرهم ؟! .
أم أن هدفه ـ أعني بيان الصغار ـ "نحن هنا" واستغلال الفرصة والظرف لإعلان أسماء قائمة من رموزهم ليكونوا موضع ثقة وإعجاب ومن ثم الترشيح لمناصب قيادية لها أهمية كبرى ؟
أم أن الهدف نفض غبار التهمة والتصنيف والإنتماء الحزبي والفكري لبعضهم طيلة سنوات غبرت من عمره أمضاها وفاء لتنظيمه وحزبه ؟!! .
الملاحظ للبيانات الحركية يدرك أن غالب منسوبيها خريجي مدرسة فكرية واحدة وبالتالي ينفذون فقط وبدقة توجيهات وتوصيات كبار منظري الفكر والتنظيم وبالحرف الواحد فبعضهم ظهر مؤيدا للتظاهر مبيحا له ومشرعا وبعضهم وبنفس العدد تماما ظهر منكرا مناهضا فما سر التناقض والازدواجية في الرأي والفتوى و ما سر الانشطار على النفس والمنهج والفكر والتنظيم ؟
إن حقيقة الإنشطار لدى منظري التنظيم بأقسامه وأجنحته لا لإختلاف صريح في الفتوى ولكن لإمساك العصا من منتصفها فطائفة أفتوا بالجواز للحفاظ على جمهور متشدد والإبقاء على ولائه للتنظيم ولمشايخه للزج بهم وقت الحاجة وطائفة أفتوا بالمنع لكسب رضا صناع القرارات وشريحة من المثقفين والشارع العام وثقتهم !!
وهو أيضا ـ أعني الإنشطار ـ تنفيذ لتوجيه صلاح الصاوي في كتابه الثوابت والمتغيرات بضرورة تقديم البعض من أتباع التنظيم وثيقة معارضة وبيان احتجاج ليكون شرارة الفتنة وقيام البعض الآخر من نفس التنظيم وفي نفس الوقت بالاعتراض عليهم والشجب والإنكار لصنيعهم .
إن فكرة توقيع بيانات علماء نصفهم يحملون شهادات مهنية في الهندسة والطب والحاسب الآلي وغيره من التخصصات العلمية والنصف الآخر لا يزيد عن كونه طالب علم وغالبهم طلاب علم كتاب ومن كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه.
أقول إن فكرة هذه البيانات خطط لها وصنع مشروعها في أوكار وملتقيات التنظيم ذاته والفكر نفسه في سنوات مضت لنزع الثقة من كبار العلماء المعروفين والمعينون من قبل ولي الأمر والذين هم مكان ثقة جمهور الناس وغالبهم وثم هدف آخر هو جمهرة أكبر شريحة شبابية فالشباب هم جمهور هؤلاء وهم مكان العناية الهامة جدا وهم جنود المستقبل وحملة لواء رفع الظلم والطغيان عن الأمة وإعادة أمجادها وسؤددها كما شهدت بذلك أحداث ومظاهرات واعتصامات بعض الدول العربية .
ما أعلمه أن أمر عبد الله بن عبد العزيز بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء يعني منع مثل هذه البيانات جملة وتفصيلا سواء كانت بيانات ووثائق معارضة واحتجاج أو بيانات تأييد وتأكيد فمن يستحقون لقب عالم هم كبار علمائنا فقط لا غير وهم فقط من يملكون حق إصدار البيان دون من سواهم وهم فقط من يجب إعادة ثقة جميع أبناء المجتمع بهم دون غيرهم وهم فقط من يجب تعظيم فتاواهم والاستجابة لها وحمايتها والدفاع عنهم وعن أعراضهم وهو ما تضمنته بعض قرارات عبد الله بن عبد العزيز كما سمى نفسه حفظه متجردا من ملك القلوب والإنسانية متواضعا لله تعالى وقد سدد ووفق وهدي حفظه الله بالتجرد من هذه الألقاب والتأسي بقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبد الله ورسوله حفظ الله لهذا البلد أمنه وولاته ومقدساته واستقراره .
فهل ننتظر منه حفظه الله وضمن قرارات تنتظر التوقيع منع هذه البيانات والاقتصار على بيان هيئة كبار العلماء فقط وتحديد عقوبة شرعية تعزيرية لمن لم يمتثل وأعلن مواصلة التمرد والعناد والشقاق لما في ذلك من تأكيد للحمة وجمع للكلمة ووحدة للصف مما أمر به شرعنا المطهر ؟!! .
والله تعالى من وراء القصد ،،،
د. إبراهيم بن عبد الله المطلق




رد مع اقتباس
