بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد، فقد صدر لفضيلة الشيخ الوالد عبد المحسن بن حمد العباد البدر مقال بعنوان:
الغربيون وأمثالهم هم المختطفون لأبنائنا وبناتنا والتغريبيون هم الذين وراء هذا الاختطاف
12/08/1435هـ،
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فقد اطلعت على حديث عن مؤتمر صحفي لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم نُشر في صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 27/7/1435هـ مما جاء في هذه الصحيفة عن هذا المؤتمر ما يلي:
«تخلينا عن أبنائنا فخطفوهم منا، مشيرا إلى أن المنطقة الإسلامية والعربية تعيش بين تيارين شديدين وهما التيار التكفيري والإلحادي، وأوضح الأمير خالد الفيصل خلال المؤتمر الصحافي للكشف عن تفاصيل برنامج العمل التنفيذي لدعم مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم في جدة أمس أن المنطقة العربية والإسلامية حسب رأيه تعيش بين تيارين شديدين التيار التكفيري والتيار الإلحادي وهذان التياران يحيطان بالمنطقة الإسلامية والعربية إذ أن هناك من يكفّر وآخر يحاول التخلي عن الإسلام وهذان الصراعان وجدا فراغا في السعودية لأن المجتمع ترك الساحة لهما، وقال وزير التربية والتعليم بأن المدارس السعودية في السابق كانت تحتضن جميع الأنشطة لهذه الفئة من التيارين التكفيري والإلحادي، وبالتالي لم توجد أنشطة معتدلة للفكر السعودي الذي يتميز بالاعتدال منذ أن قامت عليه هذه البلاد وهو أن نتمسك بالقيم والمبادئ الإسلامية حيث بنينا عليها حضارتنا الإسلامية في استخدام كل وسائل التحضر والرقي والمعرفة الحديثة، مشيرا إلى أن الإسلام لا يرفض التحضر والتجديد والتطوير في الأنظمة والمناهج والحياة اليومية، وشدد الأمير خالد الفيصل على ضرورة بناء الحضارة ومكتسبات الحياة العصرية على مبادئ وقواعد الإسلام التي قامت عليها البلاد وهو ما يمثل منهج الاعتدال الذي وصفه بالفذ»، وجاء في الصحيفة عن تفاصيل برنامج العمل التنفيذي لدعم مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم: «واعتماد مبلغ خمسة مليارات ريال خلال الخمس سنوات المقبلة، حيث سيجري إيفاد نحو 25 ألف معلم ومعلمة للخارج للتدريب في مدارس الدول المتقدمة، للتعرف على أفضل الممارسات الحديثة في برامج تمتد لمدة عام»، وأضاف: «اعتمد مبلغ مالي نحو 350 مليون ريال سنوياً لأندية الحي لعدد ألف ناد للبنين والبنات، ومبلغ 50 مليون ريال سنوياً للأندية الموسمية لعدد نحو 800 ناد للبنين والبنات، إذ سيستثمر المجتمع المحيط بالمدرسة والطلاب على وجه الخصوص، مرافق المدرسة بعد تأهيلها في قضاء أوقاتهم بأنشطة مسائية متنوعة ثقافية ورياضية وترفيهية تمتد من الساعة الرابعة عصرا إلى التاسعة مساء».
وبعد ذكر هذه الفقرات من صحيفة الشرق الأوسط عن المؤتمر الصحفي لسمو وزير التربية والتعليم أنبه على ما يلي:
1ـ ما ذكره من التخلي عن الأبناء واختطافهم من قبل التيارين الشديدين التكفيري والإلحادي هو كلام مستقيم في حصول التكفير بغير حق من متطرفين لا علم عندهم ولا بصيرة، وسبق أن كتبت في هؤلاء رسالتين إحداهما بعنوان: «بأيِّ عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهاداً؟! وَيحَكم أفيقوا يا شباب!!»، والثانية: «بذل النصح والتذكير لبقايا المفتونين بالتكفير والتفجير» طبعت الأولى منهما في عام 1424هـ، والثانية في 1426هـ، وطبعتا معاً ضمن مجموع كتبي ورسائلي (6/225ـ279) عام 1428هـ، وأما التكفير بحق عن علم وبصيرة من العلماء المحققين المتأخرين مثل الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله والشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وأمثالهما فهو الذي ينبغي أن يدرَّسه الطلاب.
ومن المعلوم أن التعليم في البلاد السعودية شارك فيه كثير من جماعة الإخوان المسلمين وتأثر بأفكارهم كثير من الطلاب، وهذه الفئة التي عرف حالها بعض كبار التغريبيين مؤخراً قد عرفها الناصحون لهذه البلاد حكومة وشعباً من قبل، ولما بعث الشيخ يوسف القرضاوي رسالة لخادم الحرمين في فرحه بانفلات النساء في هذه البلاد وطلبه أن تمكَّن النساء فيها من قيادة السيارات لقيت قبولاً في الديوان الملكي فجاء الرد عليها سريعاً بالشكر، كما نشرت الرسالة والرد معاً في شبكة المعلومات، وأما رسائلي الثمان الناصحة لخادم الحرمين فلا أعلم شيئاً عن مصيرها في الديوان، والله المستعان، وقد كتبت في هذا الموضوع كلمة بعنوان: «من مصائب الشيخ القرضاوي دعوته إلى انفلات النساء في بلاد الحرمين» نشرت في 27/12/1432هـ، ذكرتُ فيها شيئاً من منهج الإخوان المسلمين وما قاله مؤسس حزبهم في البراءة من كل من لا يوافقهم.
2ـ من الاختطاف الحقيقي لأبنائنا وبناتنا ابتعاثهم للدراسة في بلاد الغرب وغيرها؛ فتتلوث أفكارهم وتفسد أخلاقهم إلا من شاء الله، وقد حصل التوسع في ذلك من وزارة التعليم العالي ابتداء من عام 1426هـ استناداً إلى المشروع الذي أطلقوا عليه «برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي» للتقوي بهذه التسمية على التوسع الذي أرادوه، وقد أوضحت ذلك في كلمة بعنوان: «أشكال التغريب الطارئ أخيراً على بلاد الحرمين في الوزارات والإدارات الحكومية وغيرها» نشرت في 5/5/1434هـ.
ومن ذلك ما نشرته صحيفة الشرق في 1/5/1434هـ من اعتزام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ابتعاث 250 عضواً لتعلم اللغة الإنجليزية ذكرت ذلك في كلمة أشكال التغريب المشار إليها آنفاً، وآخر شيء في ذلك ما جاء في هذا المؤتمر الصحفي لسمو الامير خالد الفيصل من اعتماد خمسة مليارات في خمسة أعوام لابتعاث 25 ألف من المعلمين والمعلمات للخارج لمدة عام، فقد حصل اختطاف هذه الأعداد الكبيرة من الغربيين وغيرهم بسعي حثيث من المستغربين والتغريبيين في هذه البلاد.
3ـ ما ذكره من اعتماد 350 مليون ريالاً سنوياً لأندية ثقافية ورياضية وترفيهية للبنين والبنات، إن كانت أندية البنات ثقافية في مدارسهن فلا محذور في ذلك، وإن كانت رياضية فهي غير لائقة، وقد أوضحت ذلك في كلمة بعنوان: «التعويل في حكم التربية البدنية للبنات على العلماء لا على مجلس الشورى » نشرت في 20/7/1435هـ.
4ـ وبعد تعيين سمو الأمير خالد الفيصل وزيراً للتربية والتعليم بعثت لسموه الرسالة التالية بتاريخ 26/2/1435هـ داعياً وناصحاً ولا زلت آملاً في استفادة سموه منها:
«حضرة صاحب السمو الملكي الأمير المكرم خالد الفيصل آل سعود
وزير التربية والتعليم حفظه الله ووفقه لما فيه رضاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد، فأكتب لسموكم بمناسبة تعيينكم وزيراً للتربية والتعليم هذه الرسالة سائلاً المولى جل وعلا أن يكون في هذا التعيين الخير لسموكم وللوزارة بأن يتحقق في مدة ولايتكم لها ما يرضي الله في طلابها ومدرسيها وموظفيها ومناهجها وغير ذلك من شؤونها، ولاشك أن في تعيين سموكم في هذا المرفق العظيم فرصة عظيمة لسموكم تقدمون فيها كل ما يعود عليكم نفعه وثوابه في الدنيا والآخرة، وما أحسن ما قاله أحد الناصحين لأحد الولاة: «فاعمر قبرك كما عمرت قصرك»، وقد تميز والدكم العظيم رحمه الله عن غيره في هذه الأسرة الكريمة بكونه من أحفاد الإمام محمد بن سعود رحمه الله ومن أسباط الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، وذلك يتطلب أن يكون أبناؤه أشد محافظة من غيرهم على المجد الذي ورَّثه هذان الإمامان العظيمان الذي تفيأت هذه البلاد ظلاله قريباً من ثلاثة قرون {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}، وأخطر شيء في الإخلال بهذا المجد ما ابتليت به هذه البلاد في الآونة الأخيرة من وجود تغريبيين يلهثون وراء تقليد الغرب في كل ما هو ضار في الحكم والأخلاق وغير ذلك، فمن أهم مهمات جميع أفراد هذه الأسرة الكريمة الحذر من هذه الفئة الماكرة الساعية لتقويض البنيان الشامخ الذي ورَّثه الملك عبدالعزيز رحمه الله، وقد قال الله عز وجل: {وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وقال: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، وقال: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}.
وأسأل الله عز وجل أن يوفق سموكم لما تحمدون عاقبته في الدنيا والآخرة، وأن يحفظ هذه البلاد حكومةً وشعباً من كل شر، وأن يوفقها لكل خير.
وتجدون برفقه نسخة من رسالة: «كيف يؤدي الموظف الأمانة؟»، ونسخة من رسالة: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أسباب قيام الدولة السعودية وبقائها»، ونسخة من كلمات: «مناهجنا الدراسية بريئة من التهم ومتهمها هو المتهم»، «لا يجمع بين البنين والبنات في الصفوف الأولية الابتدائية»، «الآن ظهر انفلات النساء الذي كان يخشاه المشايخ عند تأسيس تعليم البنات»، «لا يليق بأهل المجد أن يكونوا مستنداً للتغريبيين الماكرين بمجدهم»، «نحب لدولتنا السعودية دوام عزها ونبغض التغريبيين الساعين بمكرهم لإضعافها»
والله يحفظكم ويرعاكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
ولكون هذه الرسالة جاءت في خضم رسائل التهاني فقد تلقيت من سموه رسالة شكر على التهنئة والرسائل المرفقة بالرسالة، والرسالة ـ كما هو واضح ـ مشتملة على النصح والدعاء، وأما التهنئة فإن كل مسئول ـ لاسيما إذا كان في ولاية كبيرة ـ يستحق التهنئة إذا أدى عمله على الوجه الذي يرضي الله عز وجل، ومن لا يكون كذلك يستحق التعزية، وآمل أن يكون سموه ممن يهنَّى ولا يعزَّى.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
المصدر




رد مع اقتباس