تعريف الفتن : الفتن جمع فتنة، يقال: فتن المعدن إذا صهره بالنار ليختبره، وفلان فتن فلانا ليحوله عن رأيه أو دينه. وفي التنزيل:
إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ. والفتـان الشيطان، واللص الذي يعرض للرفقة في طريقهم، والفتانان: الدرهم والدينار. والفتـنة: الإعجـاب بالشـيء والاسـتهتار بـه، وبلبـلة الفكـر، والعذاب والضلال، وفتنة الصدر: الوسواس، هذا هو تعريفها اللغوي، وفي الشرع وضحها كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
أما في الاصطلاح : فهي كل ما يبث في المجتمع ويؤثر في حياة أبنائه: أمنا ومعيشة وخلقا وعقيدة وما ذلك إلا: أن الفتنة أو الفتن: كالنار تحت الرماد، ساكنة هادئة، حتى يأتي من في قلبه مرض، وجبلت على الشر نفسه، وذلك لحبه للشر والفساد فيحركها ويشعلها
![]()
وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ
. ومن كان كذلك، فإن حواسه لا تهدأ وخلجات قلبه لا تسكن، إلا على السعي في إشعال فتيل نار الفتنة، وبلبلة الأذهان، وخلخلة المجتمع؛ لأنه شقي من الأشقياء، ويدفعه لذلك مرض في قلبه، ولوثة في فكره، سواء كان ذلك طبعا في نفسه، أو تطبعا لتأثره بمن أغواه. وما ذلك إلا أن صاحب الطبع الرديء، تنمو فيه الخصلة، كـلما سنحت له الفرصة، ليكبر معه حسب العدوان والإساءة، فتبدأ معه الآثار صغيرة، ثم يسعى جاهدا في تكبير الصغائر، وتجسيم الأمور، بالكذب وقلب الحقائق، لتكون في نظر من يريدهم المسيرة في ركـبه مساوئ، حيث يتم تـأليب من يتعاطف معه أو يرضى بباطله، الذي جسمه في الأعين على أنه محاسن أما صاحب التطبع: فإنـه صاحب الوفاض الخالي، والسذاجة في الإدارة، وقصر النظر في
عواقب الأمور.
فيأتي من ينفخ في روعه، ويوغر صدره على الفئات الغافلة، بعد تجسيم الأمور، وتخطئة الآخرين لمآرب في نفس صاحب الطبع، وغايات وعد بها ودفـع إليها، ليكون بوقا ينفخ فيه، من حيث لا يدري عن عواقب الأمور التي دفع إليها، وهو في الحقيقة كبش فداء، ولجهالته: أصبح في أيدي أصحاب الأهواء، يحركونه لمصالحهم كيفما شاؤوا، ويستغلونه في تحقيق ما يريدون، ولا يهمهم مصيره وما تكـون نهايته.. إذ قد يكـون انساق لطمع مادي، أو مصلحي، أو لهدف لا يعرف غايته، بعد أن انحرف فكره.
فيتعاون المؤثر والمؤثر فيه، في تعاملهما الإفسادي، والتدميري في عملهما المشترك، الذي يعتقد أنه خادم للهدف المشحون بالأكاذيب والضلالات، لخدمة الفكرة التي جعلت شعارا، لما يراد من شر.
والله سبحانه يمتحن قلوب أهل الإيمان بالصبر على الفتن، وحسن التحمل في مقابلتها، دون أن تمس جوهر العقيدة، أو يكون لديه ميل للفتنة ودعاتها: يقول سبحانه:![]()
وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ
.
من المستفيد منها:
إن الفتن عندما يشتعل فتيلها، بسبب أو بدون سبب ظاهر،
تـبدأ دائرة هذا السعير تتسع شيئا فشيئا، كالحريق في الهشيم، الذي يأكل الأخضر واليابس، ويدمر ما امتدت إليه نار هذا الحريق.
فإن شياطين الإنس، وأهل الأهواء، ومن في قلبه مرض، سواء كان بالنفاق: مرض الشهوة والهوى أو مرض التقليد والسير بغير هدف أو المرض الأشد وهو الحسد والكراهية، بدون أن يفكر إلا فيما يتضمنه الحسد المذموم ممن يلتئم جمعهم، (كما تلتئم الأكلة على قصعتها)كل واحد من هذه الفئات يزيد نار الفتنة اشتعالا، ليعود بثمرة ظاهرة أو محسوسة؛ لأن القلوب لم تحصن بالإيمان الصادق، فكانت مرتعا للأفكار الرديئة، التي تضر بالأمة، ولم يكن العقل محصنا بنور الثبات على الحق، ليتبصر ويسترشد، ولا بنور الإرشاد وحسن العقيدة، فـلا يستفيد من ذلـك الوضع غير الأعداء المتربصين بالأمة الإسلامية، لإفسادها وخلخلة صفوفها، بما أصاب أمنها من جراء هذه الفتـنة الموجهة من الأعداء للإساءة والإضرار حسدا، وحبا في النفاذ للمجتمع الإسلامي، وتسييره كيفما يريدون، خلف شعارات مختلفة وحسبما مر بنا: فإن الفتنة أنواع: منها فتنة المال، وفتنة النساء، وفتنة الهوى وحب التسلي، وفتنة الشهوات، وفتنة الشبهات، وفتنة الولد والأهل، وفتنة الجـور والبغي وغيرها من الفتن التي تتلبس بأزياء
مختلفة، وتحـت مسميات متباينة، كما أوضحها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كقطع الليل المظلم).. تتلاحق بعضها وراء بعض.
وكـل محرك لنوع من أنواع الفتن، قد أضمر مصالح يريدها، ومفاسد يبثها لتحقق غرضه، وأشد هذه الفتن: فتنة الدين، الذي هو أعز ما يجب أن يحرص عليه المسلم.
وقد استعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من " فتنة المسيح الدجال "، وخوف أمته منه، حيث أخبر أن أعظم الناس، شهادة عند الله سبحانه، ذلك الرجل الذي تصدى للدجال وكفر به.
والناس في تأثرهم بالفتن، يختلفون بحسب منزلة الإيمان من قلوبهم، سواء بالفتنة الخاصة في النفس والولد والأهل، أو الفتنة العامة: في المجتمع وبالآفات والنوازل، ووفرة المال والتكاثر به وغير ذلك.
ذلـك أن الفتـنة التي تمر بالمؤمن، يستفيد منها بقدر إيمانه، صبرا وتحملا يؤجـر عليه وتفقدا لجوانب الضعف في نفسه، ليعالج ذلك، ويصلح ما اعوج من أعمال نحو أسرته، أو ما بدر في مجتمعه ليكـون ساعيا مـع غـيره، في إزالة ما يقدر عليه بيده أو بلسانه، أو مساهمة بجاهه وماله، أو بقلبه وهو أضعف الإيمان؛ لأن المؤمنين يسعى بذمتهم أدناهم، فيكـون ذلك: بالنصح وحسن التوجيه،
والتعليم والإرشاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
مجلة البحوث الإسلامية




كل واحد من هذه الفئات يزيد نار الفتنة اشتعالا، ليعود بثمرة ظاهرة أو محسوسة؛ لأن القلوب لم تحصن بالإيمان الصادق، فكانت مرتعا للأفكار الرديئة، التي تضر بالأمة، ولم يكن العقل محصنا بنور الثبات على الحق، ليتبصر ويسترشد، ولا بنور الإرشاد وحسن العقيدة، فـلا يستفيد من ذلـك الوضع غير الأعداء المتربصين بالأمة الإسلامية، لإفسادها وخلخلة صفوفها، بما أصاب أمنها من جراء هذه الفتـنة الموجهة من الأعداء للإساءة والإضرار حسدا، وحبا في النفاذ للمجتمع الإسلامي، وتسييره كيفما يريدون، خلف شعارات مختلفة وحسبما مر بنا: فإن الفتنة أنواع: منها فتنة المال، وفتنة النساء، وفتنة الهوى وحب التسلي، وفتنة الشهوات، وفتنة الشبهات، وفتنة الولد والأهل، وفتنة الجـور والبغي وغيرها من الفتن التي تتلبس بأزياء
رد مع اقتباس