الحلقة الثالثة

من المقال الموسوم بـ:


الرد الوافي
على الدكتور أحمد الكبيسي الهافي



قال الكبيسي وهو يروي الحديث:
"لو أن أحدكم أنفق مثلي جبل أحد ذهباً" وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى وذلك على قناة دبي ـ والتي نشكر لها والقائمين عليها موقفها المشرف بالاعتذار عما بدر من الكبيسي وقد تبرأت منه ـ.

الرد:
لفظة: "مثلي جبل" لم ترد في الحديث لا من طريق ضعيفة ولا موضوع، ناهيك أن تكون صحيحة.
أفلا تركت التصدر ورجعت إلى الأنبار علّ الله أن يهلكك بقذيفةِ خارجيٍ أو رافضي ويريح الأمة من أمثالك.

قال الكبيسي في عدد الصحابة:
" هذولا معدودين مابين أربعمية أو خمسمية واحد".

الرد:
أين وجدت أنّ أحداً أحصى عدد الصحابة،فهذا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه ـ وهو صحابي وبين الصحابة لا يحصي أصحابه فهو ـ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقَالَ ـ وهو يصف كثرة الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ: " وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَثِيرٌ ، وَلاَ يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ - يُرِيدُ الدِّيوَانَ - ". يعني؛ لا يَجْمَعُهُمْ دِيوَانٌ مَكْتُوبٌ. أخرجه: أحمد، والبخاري. واللفظ له.

وكل من ذكر للصحابة رقماً إنما هو بالتقريب وليس على سبيل الحصر ويحملون ذلك على من روى عنه أو سمع منه صلى الله عليه وسلم دون من مات بالمدينة أو في المعارك، أو كان في القرى والهجر، لذا قال أبو زُرعة الرَّازي في جوابِ من قال له: أليس يُقال: حديث النَّبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث؟
قال: "ومن قال ذا قلقل الله أنيابه؟ هذا قولُ الزَّنادقة, ومن يُحصي حديث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟! قُبض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عن مئة ألف وأربعة عشر ألفًا من الصَّحابة, مِمَّن روى عنه, وسمع منه" فقيل له: هؤلاء أين كانوا, وأين سمعوا؟ قال: " أهل المدينة, وأهل مَكَّة, ومن بينهما, والأعراب, ومن شهدَ معهُ حجَّة الوداع, كل رآه وسمع منه بعرفة ". أخرجه الخطيب البغدادي في " الجامع لأخلاق الراوي".
قال السيوطي معلقاً: " وهذا لا تحديد فيه, وكيف يُمكن الاطلاع على تحرير ذلك, مع تفرق الصَّحابة في البُلْدان والبَوَادي والقُرى". "تدريب الراوي".

قال الكبيسي:
" أصحاب المئيين بعد المعركة مال حنين؛ ارتدوا عن الإسلام، معاوية وغير معاوية؛ ارتدوا، النبي أعطاهم كل واحد مية ناقة ورجعوا للإسلام بالتألف".

الرد:
"أصحاب المئيين": هذه تسمية من كيس الكبيسي ـ صرّاف بلا حدود ـ.
"ارتدوا عن الإسلام": هؤلاء جمع من الصحابة ! من هم هؤلاء ؟ سمِّهم لنا يا كبيسي، غير معاوية رضي الله عنه الذي ذكرت .
(إِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا). متفق عليه.
ولا أراك إلا فاجراً كذّابا.

"معاوية وغير معاوية؛ ارتدوا":
أقول: كذبت ورب الكعبة يا متطاول على دين الله. أثبت العرش ثم انقش.
والله إن معاوية رضي الله عنه أشرف منك يا كبيسي وأمة من الناس أمثالك.
ما سمعنا بهذا القول قبلك يا كبيسي، حتى الرافضة الذين يكفرون معاوية ويلعنونه ما سمعناهم يقولون أنه ارتد يوم حنين، بل يؤرخون ردته ـ والعياذ بالله ـ بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا في هذا أورع منك ـ وبئس الورع ـ.

والله إننا لأحقر من أن نحتاج أن نسوق شيئاً من مناقب وسيرة معاوية رضي الله عنه، ولكن كما قال المثل: "ايش أحوجك على المُر؟ قال: الذي أمرّ منه".
ولن أطيل في سرد مناقبه رضي الله عنه لأنه غنيٌ من أن نُشهره أو نبين مناقبه بل أضع بعض الخيوط والخطوط العريضة لإقامة الحجة على السفهاء، فنقول:
عَنِ الْعِرْبَاضِ بن سَارِيَةَ السلمي رضي الله عنه قال: سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ وَقِهِ الْعَذَابَ). واه أحمد (4/127)، وابن خزيمة (1838)، وابن حبان (7210)، وصححه الألباني في "الصحيحة".
وعن عبد الرحمن بن أبي عميرة وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لمعاوية : ( اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به ). رواه أحمد (4/216 ،365)، والترمذي (3842)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1969).

وعن أَنَسِ بن مَالِكٍ عن خَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ قالت نَامَ النبي صلى الله عليه و سلم يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّي ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَتَبَسَّمُ فقلت ما أَضْحَكَكَ قال أُنَاسٌ من أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ يَرْكَبُونَ هذا الْبَحْرَ الْأَخْضَرَ كَالْمُلُوكِ على الْأَسِرَّةِ قالت فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي منهم فَدَعَا لها ثُمَّ نَامَ الثَّانِيَةَ فَفَعَلَ مِثْلَهَا فقالت مِثْلَ قَوْلِهَا فَأَجَابَهَا مِثْلَهَا فقالت ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي منهم فقال أَنْتِ من الْأَوَّلِينَ فَخَرَجَتْ مع زَوْجِهَا عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ غَازِيًا أَوَّلَ ما رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مع مُعَاوِيَةَ فلما انْصَرَفُوا من غَزْوِهِمْ قَافِلِينَ فَنَزَلُوا الشام فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَصَرَعَتْهَا فَمَاتَتْ). رواه أحمد، والبخاري (2646) واللفظ له.
وفي لفظٍ: " أن أُمُّ حَرَامٍ قالت: سَمِعَتْ النبي صلى الله عليه و سلم يقول: (أَوَّلُ جَيْشٍ من أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قد أَوْجَبُوا [أي: فعلوا فعلاً وجبت لهم به الجنة ])، قالت: أُمُّ حَرَامٍ قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ! أنا فِيهِمْ؟ قال: (أَنْتِ فِيهِمْ)". البخاري (2766).
قال ابن حجر: "قَالَ الْمُهَلَّب : فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْقَبَة لِمُعَاوِيَة لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ "."الفتح" (6/102).
الكبيسي يقول: معاوية ارتد، والرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: معاوية في الجنة. فقول من نأخذ الكبيسي الضال المضل، أم سيد ولد آدم عليه السلام ؟!

أقول: من لم يكفه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل معاوية فلن يكفه تراب الأرض من كلام غيره صلى الله عليه وسلم.

قال الكبيسي:
" أنتم نواصب كما هم روافض ، هناك نواصب وهو أنتم بتوع معاوية".

الرد:
هل بمجر حبنا لمعاوية والترضي عنه وأنه من الصحابة؛ نكون نواصب ، بمعنى؛ أعداء لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم .. يا كبيسي ؟
يقول شيخ الإسلام بن تيمية: " ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم ... ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويَتَوَلوْنَهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: يوم غديرخم: ( أذكركم الله في أهل بيتي ) ...وَيَتَبَرَّءُونَ مِنْ طَرِيقَةِ الرَّوَافِضِ الَّذِينَ يُبْغِضُونَ الصَّحَابَةَ وَيَسُبُّونَهُمْ ، وَطَرِيقَةِ النَّوَاصِبِ الَّذِينَ يُؤْذُونَ أَهْلَ الْبَيْتِ بِقَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَيُمْسِكُونَ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ". "العقيدة الواسطية".
فنحن أهل سُنّة لسنا مثلك يا كبيسي ونحب معاوية كما نحب علياً وآل البيت جميعاً وجميع الصحابة ونترضى عليهم جميعاً مع اعترافنا بفضل علي على معاوية رضي الله عنهم جميعاً ولسنا نواصب كما نعتّنا.
فانظر أنت من أي طائفة، لأنك بقدحك في معاوية بل وتكفيرك إيّاه؛ لست من أهل السنة إطلاقاً، بل ضال مضل مبتدع وكل بلاءٍ فيك.
وبقولك: " أنتم نواصب ... بتوع معاوية"؛ فقد أدخلت جميع الأمة ـ أهل السنة والجماعة ـ من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى أن تقوم الساعة في "النواصب" أعداء أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلتهم مبتدعة ضالين هذا إن لم يكونوا كفاراً عندك وعلى طريقتك ولا أستبعد.
فبذلك ستتحمل أيها الكبيسي أحمد؛ أوزار الأمة كلها يوم القيامة، وفي الحديث يا كبيسي.
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ . فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ). أحمد، ومسلم.

كيف يكون معاوية مرتداً كافراً ؟؟!!
وقد حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَجَرِيرٌ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَوَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ.
وَمِنَ التَّابِعِينَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَعِيسَى بْنُ طَلْحَةَ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ.
هل يجوز أن تُحدث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كافر يا كبيسي ؟

قال الكبيسي:
"أنتم بتوع معاوية، الذي ..... يتابع .....






كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي

17/جمادى الأولى/1433هـ.